(تماروا) من (تمارى) بمعنى محادثة طرفينلإيجاد الشكّ و إلقاء الشبهة مقابل الحقّ،فهؤلاء سعوا بطرق مختلفة إلى إلقاء الشكوكو الشبهات بين الناس لإبطال تأثير إنذاراتهذا النّبي العظيم «لوط» عليه السّلام.
و لم يكتف هؤلاء المعاندون بإلقاءالشبهات العقائدية بين الناس، بل بلغت بهمالوقاحة و الصلف و عدم الحياء حدّا أنّهمتجرّؤوا على ملائكة الرحمن و ضيوف النّبيالكريم المأمورين بعذاب هؤلاء القومحينما دخلوا بيت لوط عليه السّلام بصورةشباب و سيمين، حيث يقول سبحانه: وَ لَقَدْراوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ أي أنّهم طلبوامنه أن يضع ضيوفه تحت تصرّفهم.
لقد بلغ الألم الذي اعترى «لوطا» عليهالسّلام حدّا لا يطاق نتيجة هذا التصرّفالقبيح و المخجل لقومه، و طلب بإصرار أنيكفّوا عن هذا السلوك المشين المخجلالبعيد عن الشرف و الحياء. بل و أدبىاستعداده عليه السّلام لتزويج بناته لهم-إن أعلنوا توبتهم- و هذه أعلى حالاتالمظلومية التي يتعرّض لها هذا النّبيالكريم من قبل قوم عديمي الحياء و الإيمانو القيم الخيرة، كما في قوله سبحانه: قالَهؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْفاعِلِينَ. «1»
و لم يمض وقت طويل حتّى واجهت هذه الفئةالمجرمة الباغية الجزاء الأوّلي لعملهمالإجرامي حيث يقول في ذلك سبحانه:فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُواعَذابِي وَ نُذُرِ.
إنّ يد القدرة الإلهيّة امتدّت لتنتقم منهؤلاء القوم المجرمين، و ذلك بأن طمست علىأعينهم، حيث يقول البعض بأنّ جبرائيل قدامر أن يخفق بجناحهم على عيونهم حيث فقدوابصرهم حالا، و قيل أنّ بؤر أبصارهم قدأصبحت مستوية مع وجوههم.
1- الحجر، 71