الزُّبُرِ «1».
فما الفرق بينكم و بين قوم فرعون و قوم نوحو لوط و ثمود؟ فكما أنّ أولئك الأقوام قدعذّبوا بالطوفان تارة و الزلازل و الصواعقاخرى، اقتصاصا منهم للكفر و الظلم والطغيان و العصيان الذي كانوا عليه ... فماالمانع أن يصيبكم العذاب و يكون مصيركمنفس المصير ... فهل أنتم أفضل منهم؟ و هل أنّكفركم و عنادكم أخفّ حدة؟ و كيف ترون أنّكممصونون من وقوع العذاب الإلهي؟ أ ألقيإليكم كتاب من السماء يعطيكم هذا الأمان؟
و من الطبيعي أنّ مثل هذه الادّعاءاتادّعاءات كاذبة لا يقوم عليها أي دليلأَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌمُنْتَصِرٌ «2».
«جمع» بمعنى مجموع، و المقصود هنا هيالجماعة التي لها هدف و قدرة على إنجازعمل، و التعبير هنا بـ (منتصر) تأكيد علىهذا المعنى لأنّه من مادّة (انتصار) بمعنىالانتقام و الغلبة.
و الجدير بالذكر هنا أنّ الآية السابقةكانت بصورة خطاب، أمّا في الآية موردالبحث و الآيات اللاحقة، فإنّ الحديث عنالكفّار بلغة الغائب، و هو نوع من أنواعالتحقير، أي أنّهم غير مؤهّلين للخطابالإلهي المباشر.
و على كلّ حال، فإنّ ادّعاءهم بالقوّة والقدرة ادّعاء فارغ و قول هراء، لأنّالأقوام السابقة من أمثال قوم عاد و ثمود وآل فرعون و أضرابهم كانوا أكثر قوّة وسطوة، و مع ذلك فلم تغن عنهم قوّتهم شيئاحينما واجهوا العذاب، و كانوا من الضعفكالقشّة اليابسة تتقاذفها الأمواج من كلّمكان، فكيف بمن هو أقل عددا و أضعف حيلة وقوّة و منعة؟
1- الضمير في «كفّاركم» يرجع في الظاهر(المشركي العرب) بقرينة الجملة أَمْلَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ. 2- بالرغم من أنّ (نحن) ضمير جمع فانّ خبرها(جميع) قد جاء مفردا، و كذلك منتصر و التيجاءت خبرا بعد خبر أو صفة لـ (جميع)، والسبب في ذلك فإنّ لفظ (جميع) و إن كانتمفردة إلّا أنّ المعنى (جمع).