امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل جلد 17
لطفا منتظر باشید ...
إنّ الإنسان إذا كان صادقا في البحث عنالحقيقة فانّه يكفيه أن يرى واحدة منها، وخاصّة تلك التي يسبقها إنذار، ثمّ بلاء،ثمّ زوال هذا البلاء عند دعاء النّبيالإلهي، و لكن العناد، و الإصرار علىالباطل و الغرور إذا ركب الإنسان، فحتّىلو أصبحت جميع السماء و الأرض آيات للّه،فلن تكون ذات تأثير على أمثال هؤلاء، والجواب الحاسم المناسب لهم هو العذابالإلهي الذي يقضي على النزعات الشريرة والنفوس المريضة التي يملؤها الهوى والغرور. كما قال تعالى:فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍمُقْتَدِرٍ تكملة للآية مورد البحث.«أخذ» في الأصل بمعنى تناول الشيء وأخذه باليد، و لكون المجرم يؤخذ قبل أنيعاقب، لذا فإنّها تستعمل كناية عنالمجازاة.و التعبير الآخر الذي أتى في آخر هذهالقصّة لا يوجد له شبه في التعابيرالمماثلة في القصص الاخرى، و ذلك لأنّالفراعنة كانوا يتباهون بقوّتهم و سطوتهمو عزّهم أكثر من بقيّة الأمم، و الحديث عنقوّة سلطانهم كان في كلّ مكان. يقول اللّهتعالى: فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍمُقْتَدِرٍ و ذلك كي يكون واضحا للجميعأنّ القوّة الحقيقة هي للّه وحده، لأنّكلّ قوّة و عزّة اخرى غير قوّته و ما يتّصلبذاته وهميّة لا تساوي شيئا في قبال عزّتهو قدرته ... و العجيب أنّ نهر النيل العظيمالذي كان مصدر خير و ثروة لهم، هو الذي أمربالانتقام منهم، و الأعجب من ذلك أنّ أضعفالمخلوقات سلّطت عليهم كالجراد و الضفادعو القمل فجعلتهم في حالة عجز و مسكنة لايقدرون على دفعها، و هم الذين كانوا منالسطوة و القوّة موضع حديث أهل زمانهم:و بعد بيان هذه المشاهد المؤثّرة من قصصالأقوام المنصرمة و العذاب الإلهي العظيمالذي حلّ بهؤلاء الجبابرة المتمردّين علىالحقّ، يخاطب اللّه سبحانه في الآيةاللاحقة مشركي مكّة بقوله تعالى: أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْأَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي