و بهذا الترتيب فقد ذكر لنا سبحانه النعمةالعظيمة الثامنة في هذه السلسلة.
و في الآية اللاحقة يستعرض ذكر النعمتينالتاسعة و العاشرة من النعم الإلهية، والتي تتضمّن قسما من المواد الغذائية التيوهبها اللّه سبحانه للإنسان حيث يقولتعالى: فِيها فاكِهَةٌ وَ النَّخْلُ ذاتُالْأَكْمامِ.
«الفاكهة» تشمل كلّ نوع من الفاكهة كمايقول الراغب في المفردات، و فسّرها البعضبأنّها تشمل جميع أنواع الفاكهة باستثناءالتمر، حيث ذكر «النخيل» في هذه السورةبصورة مستقلّة، و يمكن أن يكون ذكر النخيلبسبب أهميّة النخل و التمر لا استثناء منعموم لفظ الفاكهة.
«و قد أوردنا بحثا مفصّلا حول فوائد التمرمن الناحية الغذائية و المواد الحياتيةالمختلفة لدي تفسير الآية 11 من سورةالنحل، و الآية 25 من سورة مريم».
«أكمام» جمع (كم) على وزن (جن) تطلق علىالغلاف الذي يغطّي الفاكهة. و (كم) على وزن(قم) القسم الخاصّ باليدين من الثوب، و(كمة) على وزن (قبة) بمعنى القبعة التيتغطّي الرأس «1».
إنّ إختيار هذا الوصف لفاكهة شجرة النخل-و التي تكون في البداية مختفية في غلاف ثمّينشقّ الغلاف عن ثمر منظود و بشكل جميل وجذّاب- يمكن أن يكون لهذا الجمال الأخّاد،أو للمنافع الجمّة الكامنة في هذا الغلاف،فهو بالإضافة إلى كونه يقوم بمهمّة حفظالثمرة من الآفات لحين النمو المناسب والقدرة الملائمة و يكون دوره كرحم الامّالذي يحافظ على الجنين فترة زمنية مناسبةقبل خروجه إلى عالم الدنيا ... فإنّه كذلكيحوي عصارة (الأسانس) الخاصّة و التيتتميّز بالمنافع الطبيّة و الغذائية.
1- لنا بحث مفصّل في هذا الموضوع فيتفسيرنا هذا، ذيل الآية (47) من سورة فصّلت.