امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 17 -صفحه : 500/ 364
نمايش فراداده

وَ رَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ.

بما أنّ الشمس في كلّ يوم تشرق من نقطة وتغرب من اخرى، و بعدد أيّام السنة لها شروقو غروب، و لكن نظرا للحدّ الأكثر من الميلالشمالي للشمس و الميل الجنوبي لها، ففيالحقيقة أنّ للشمس مشرقين و مغربين والبقيّة بينهما «1».

إنّ هذا النظام الذي هو سبب وجود الفصولالأربعة له فوائد و بركات كثيرة، و يؤكّد ويكمّل ما مرّ بنا في الآيات السابقة، و ذلكلأنّ الحديث كان عن حساب سير الشمس والقمر، و كذلك عن وجود الميزان في خلقالسماوات، و إجمالا فإنّه يبيّن النظامالدقيق للخلقة و حركة الأرض و القمر والشمس، و كذلك فإنّه يشير إلى النعم والبركات التي هي موضع استفادة الإنسان.

و يرى البعض أنّ المقصود بالمشرقين والمغربين هو طلوع و غروب الشمس، و طلوع وغروب القمر و يعتبرون هذا هو المناسبلتفسير الآية الكريمة الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ إلّا أنّ المعنىالأوّل هو الأنسب، خصوصا و أنّ الرّواياتالإسلامية قد أشارت إلى ذلك.

و من جملة هذه الرّوايات‏ حديث لأمير المؤمنين عليه السّلام فيتفسير هذه الآية حيث يقول: «إنّ مشرقالشتاء على حدة، و مشرق الصيف على حدّه،أما تعرف ذلك من قرب الشمس و بعدها؟» «2».

و يتّضح بذلك معنى قوله تعالى: فَلاأُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ، «3»

1- توضيح: لما كان محور الأرض مائلابالنسبة لسطح مدارها و بشكل زاوية بحدود 23درجة، و الأرض بهذه الصورة تدور حولالشمس، لذا فإنّ شروق الشمس و غروبهامتغيّر دائما أيضا كما يبدو من 23 درجة والتي تمثّل أعظم الانحراف باتّجاه الشمال(في بداية الصيف) إلى 23 درجة في قمّةالانحراف باتّجاه الجنوب (بداية الشتاء)،و يسمّى المدار الأوّل لها مدار «رأسالسرطان» و المدار الثاني مدار «رأسالجدي»، و هذان هما مشرقا و مغربا الشمس، وبقيّة المدارات في داخل هذين المدارين.

2- تفسير نور الثقلين، ج 5، ص 190 (المقصود هوارتفاع الشمس في السماء في فصل الصيف ونزولها في فصل الشتاء).

3- المعارج، 40.