امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 17 -صفحه : 500/ 459
نمايش فراداده

الملفت للنظر هنا أنّ الآية استعملتتعبير (تحرثون) من مادّة (حرث) على وزن (درس)و هو يعني الزراعة و نشر الحبوب و تهيئتهاللإنبات، و في الآية الثانية كان التعبيربـ (تزرعونه) من مادّة «زراعة» بمعنى النموو النضج.

و من البديهي أنّ عمل الإنسان هو الحرثفقط، أمّا النمو فهو من عمل اللّه سبحانهفقط، و لذا نقل‏

في حديث عن رسول اللّه صلّى الله عليهوآله وسلّم أنّه قال: «لا يقولنّ أحدكمزرعت و ليقل حرثت، فإنّ الزارع هو اللّه»«1».

شرح هذا الدليل هو أنّ عمل الإنسان فيالزرع كعمله في الإنجاب حيث ينثر البذرة ويتركها، و اللّه سبحانه هو الذي يخلق فيوسط هذه البذرة الحياة، فعند ما توضعالبذرة في محيط مهيّأ من حيث التربة والضوء و الماء، فإنّها تستفيد ابتداء منالمواد الغذائية المخزونة فيها إلى أنتصبح برعما و تولّد جذرا، ثمّ تنمو بسرعةعجيبة مستفيدة من المواد الغذائيةالموجودة في الأرض حيث تعمل أجهزة عظيمة وتحدث تغييرات عميقة في داخل النبات،تتمخّض عن أغصان و سيقان و أوراق و ثمار .. وأحيانا تنتج البذرة الواحدة عدّة آلاف منالبذور «2».

يقول العلماء: إنّ التركيبات الموجودة فيبناء نبات واحد أعجب و أعقد بمراتب منالتشكيلات الموجودة في مدينة صناعيةعظيمة مع معاملها المتعدّدة.

هل أنّ القوّة التي لها مثل هذه القدرةتعجز عن إحياء الموتى مرّة اخرى؟

و في الآية اللاحقة يؤكّد الدور الهامشيللإنسان في نمو و رشد النباتات فيقول: لَوْنَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْتَفَكَّهُونَ.

نعم، يستطيع البارئ أن يرسل رياحا سامّةتقتل البذور قبل الإنبات‏

1- القسم الأوّل من الحديث جاء في تفسيرمجمع البيان نهاية الآية مورد البحث، ونقل القسم الثاني في روح البيان كإضافةعليه.

2- بالرغم من أنّ الحبّة الواحدة من الحنطةلا تنبت سوى عدّة مئات من الحبوب، إلّاأنّه كما قلنا في ج 2 من هذا التّفسير:

أنّه قد وجد في بعض مزارع القمح في إحدىالمحافظات الجنوبية لإيران أنّ سنبلةواحدة تحوي على أربعة آلاف حبّة و ذلك طبقالما أعلنته منشورات صحفية.