«المطر» الذي يمنح الحياة و هو مصدر الخيرو البركة في الأرض جميعا، و الآية (5) منسورة الجاثية أيضا توافق هذا التّفسير إذتقول: وَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَالسَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِالْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إلّا أنّ هذاالمعنى يمكن أن يكون مصداقا جليّا منمصاديق الآية، في حين أنّ سعة مفهوم الرزقتشمل حبّات المطر و غيرها كنور الشمس الذييأتي من السماء و له أثره الفاعل فيالحياة، و الهواء الذي هو أساس حياةالموجودات.
كلّ هذا لو أخذنا مفهوم السماء بالمعنىاللغوي أي السماء التي فوقنا، إلّا أنّبعضهم فسّرها بعالم الغيب و ما وراءالطبيعة أو اللوح المحفوظ الذي تقدّر منهأرزاق العباد! و بالطبع فإنّ الجمع بينالتّفسيرين ممكن، و أن كان التّفسيرالأوّل أنسب و أوضح!.
و أمّا جملة و ما تُوعَدُونَ فيمكن أنتكون تأكيدا على مسألة الرزق و وعد اللّهفي هذا المجال، أو أنّ المراد منها الجنّةالموعودة، لأنّنا نقرأ الآية 15 من سورةالنجم عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى أوأنّها إشارة إلى كلّ خير و بركة أو عذابينزل من السماء! أو أنّ «ما توعدون» ناظرإلى جميع هذه المعاني، لأنّ مفهوم «ماتوعدون» واسع جدّا.
و على كلّ حال، فهذه الآيات الثلاث فيهاترتيب لطيف، فالآية الاولى تتحدّث عنأسباب وجود الإنسان و حياته، و الآيةالثانية تتحدّث عن الإنسان نفسه، و الآيةالثالثة تتحدّث عن أسباب بقائه و دوامه!.
و جدير بالالتفات أيضا أنّ ما يمنعالبصيرة و يصدّها عن مطالعة أسرار الخلق وأسرار الأرض و عجائب وجود الإنسان هو«الحرص على الرزق»، فاللّه سبحانه يطمئنالإنسان في الآية الأخيرة بأنّ رزقهمضمون، ليستطيع أن ينظر إلى عجائب العالمو يتحقّق فيه قوله: أَ فَلا تُبْصِرُونَ؟!