و المراد بالنظر هنا هو النظر المقترنبالتفكير الذي يدعو صاحبه لمعرفة عظمةالخالق الذي خلق السماء الواسعة و ما فيهامن عجائب مذهلة و تناسق و جمال و استحكام ونظم و دقّة.
جملة وَ ما لَها مِنْ فُرُوجٍ أي لاانشقاق فيها، إمّا أن يكون بمعنى عدم وجودالنقص و العيب و ارتباك كما ذهب إليه بعضالمفسّرين، أو أن يكون معناه عدم الإنشقاقو الإنفطار في السماء المحيطة بأطرافالأرض و هي ما يعبّر عنها بالغلاف الجوّيللأرض أو ما يعبّر القرآن عنه بالسقفالمحفوظ كما ورد ذلك في سورة الأنبياءالآية (32) إذ توصد الطريق بوجه النيازك والسدم و الشهب التي تهوي باستمرار نحوالأرض و بسرعة هائلة و قبل أن تصل إلىالأرض تستحيل إلى شعلة فرماد، كما أنّهاتحجب الأشعّة الضارّة للشمس و غيرها منالأشعّة الكونية، و إلّا فإنّ السماءمعناها الفضاء الواسع الذي تسبح فيهالأجرام الكروية المعروفة بالنجوم.
و هنا احتمال ثالث أيضا، و هو أنّ الجملةالسابقة إشارة إلى نظرية وجود «الأثير» ..و طبقا لهذه النظرية فإنّ جميع عالمالوجود بما فيه الفواصل التي تقع ما بينالنجوم- مليء من مادّة عديمة اللون والوزن تدعى بـ «الأثير» و هي تحمل أمواجالنور و تنقلها من نقطة لأخرى، و طبقا لهذهالنظرية فإنّه لا وجود لأيّة فرجة و لافجوة و لا انشقاق في عالم الإيجاد و الخلق،و جميع الأجرام السماوية و الكواكبالسيارة تموج في الأثير! و بالطبع فإنّه لامنافاة بين هذه التفاسير الثلاثة و إنكانت النظرية الثالثة التي تعتمد علىفرضية الأثير لا يعوّل عليها و لا يمكنالركون إليها، لأنّ موضوع الأثير ما يزالقيد الدرس و لم يثبت بصورة قطعيّة عند جميعالعلماء لحدّ الآن! ثمّ تشير الآيات إلىعظمة الأرض فتقول: وَ الْأَرْضَمَدَدْناها وَ أَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَوَ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍبَهِيجٍ.