امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 19 -صفحه : 474/ 216
نمايش فراداده

(إبل سدى) في الإبل السائبة التي تترك بلاراع.

و المراد من (الإنسان) في هذه الآية هوالمنكر للمعاد و البعث، فيكون معنى الآية:كيف يخلق اللّه هذا العالم العظيم للإنسانو لا يكون له هدف ما؟ كيف يمكن ذلك و الحالأنّ كل عضو من أعضاء الإنسان خلق لهدف خاص،فالعين للنظر، و الأذن للسمع، و القلبلإيصال الغذاء و الأوكسجين و الماء إلىجميع الخلايا، حتى أنّ لخطوط أطراف أصابعالإنسان حكمة، و لكن يحسب أن لا هدف في خلقكلّ ذلك، و هو مهمل لا تخطيط فيه و ليس لهمن أمر و نهي و مهام و مسئولية، فلو صنع شخصما صنعة صغيرة لا فائدة فيها فإنّ الناسسوف يشكلون عليه ذلك و يحذفون اسمه من زمرةالعقلاء. فكيف يمكن للّه الحكيم المطلق أنيخلق خلقا لا هدف له؟! و إذا قيل أنّ الهدفمن هذه الحياة هو قضاء أيّام الدنيا، هذاالأكل و النوم المكرر الممزوج بآلافالأنواع من الآلام و العذاب، فإنّ هذا لايمكن أن يكون مبررا لذلك الخلق الكبير. ولذا فإنّنا نستنتج من أن الإنسان قد خلقلهدف أكبر، أي الحياة الخالدة في جواررحمة اللّه و التكامل المستمر و الدائم«1». ثم انتهى إلى تبيان الدليل الثّاني،فيضيف تعالى: أَ لَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْمَنِيٍّ يُمْنى‏ و بعد هذه المرحلة واستقرار المني في الرحم يتحول الى قطعةمتخثرة من الدم، و هي العلقة، ثمّ أنّاللّه تعالى يخلقها بشكل جديد و متناسب وموزون ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَفَسَوَّى.

و لم يتوقف على ذلك: فَجَعَلَ مِنْهُالزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثى‏. أليس من يخلق النطفة الصغيرة القذرة فيظلمة رحم الأم و يجعله خلقا جديدا كلّ يوم،و يلبسه من الحياة لباسا جديدا و يهبه شكلامستحدثا ليكون بعد

1- كان لنا بحث آخر في هذا الإطار في ذيلالآية (115) من سورة المؤمنين.