امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 19 -صفحه : 474/ 276
نمايش فراداده

ثمّ يعود في النهاية ليكرر تلك الآية و هوقوله: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍلِلْمُكَذِّبِينَ الويل لأولئك الذينيرون آثار قدرة اللّه تعالى ثمّ ينكرونها،

يقول أمير المؤمنين عليه السّلام: «أيّهاالمخلوق السوي، و المنشأ المرعي في ظلماتالأرحام و مضاعف الأستار، بدئت من سلالةمن طين، و وضعت في قرار مكين، إلى قدرمعلوم، و أجل مقسوم، تمور في بطن أمّكجنينا لا تحير دعاء، و لا تسمع نداء، ثمّأخرجت من مقرّك إلى دار لم تشهدها، و لمتعرف سبل منافعها، فمن هداك لاجترارالغذاء من ثدي أمّك، و عرفك عند الحاجةمواضع طلبك و إرادتك؟!» «1».

ثمّ يقول تعالى: أَ لَمْ نَجْعَلِالْأَرْضَ كِفاتاً «2»، أَحْياءً وَأَمْواتاً «3».

«كفات»:- على وزن كتاب- و (كفت)- على وزن كشف-هو جمع و ضم الشي‏ء للآخر، و يقال أيضالسرعة طيران الطيور «كفات» لجمعه لأجنحتهحال الطيران السريع حتى يتمكن من شقالهواء و التقدم أسرع.

و المراد هو أنّ الأرض مقر لجميع البشر: إذتجمع الأحياء على ظهرها و تهي‏ء لهم جميعما يحتاجونه، و تضم أمواتهم في بطنها، فلوأنّ الأرض لم تكن مهيئة لدفن الأموات لسببالعفونة و الأمراض الناتجة منها فاجعةلجميع الأحياء. نعم، إنّ الأرض هي كالأم التي تجمعأولادها حولها و تضمهم تحت أجنحتها، وتغذيهم، و تلبسهم، و تسكنهم، و تقضي جميعحوائجهم، و تحفظ أمواتهم في قلبها أيضا، وتمتصهم و تزيل مساوئ آثارهم.

و فسّر بعضهم «الكفات» بالطيران السريع،و الآية تشير إلى حركة الأرض‏

1- نهج البلاغة، الخطبة 163.

2- «كفاتا»: مفعول ثاني لـ (جعلنا) و هو مصدرقد جاء بصيغة اسم فاعل.

3- «أحياء و أمواتا»: حال لضمير مفعولمحذوف تقديره (كفاتا لكم أحياء أمواتا).