امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 19 -صفحه : 474/ 283
نمايش فراداده

ينطق اللسان بكلمات الحسرة و الندم والأسف الشديد.

ثمّ يكرر تعالى في نهاية هذا المقطع قوله:وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ.

في المقطع الآخر يوجه الخطاب إلىالمجرمين ليحكي عمّا يجري في ذلك اليومفيقول تعالى: هذا يَوْمُ الْفَصْلِجَمَعْناكُمْ وَ الْأَوَّلِينَ جمعنا فيهذا اليوم جميع البشر من دون استثناءللحساب، و فصل الخصام في هذه العرصة والمحكمة العظمى.

و يقول: و الآن إذا كان لكم قدرة علىالفرار من العقاب فاعملوا ما بدا لكم: فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ«1».

هل يمكنكم الهرب من دائرة نفوذ حكومتي؟

أو هل يمكنكم التغلّب على قدرتي؟

أو هل تستطيعون دفع الفدية لتتحرروا؟

أو أنّ لكم القدرة على أن تخدعوا الملائكةالموكلين بكم و بحسابكم؟

اعملوا ما بدا لكم و لكن اعلموا أنّكم لاتستطيعون!! في الحقيقة إنّه أمر تعجيزي، أيأنّ الإنسان يعجز أمام هذا الأمر، كالذيجاء في شأن القرآن المجيد حيث يقول تعالى:إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّانَزَّلْنا عَلى‏ عَبْدِنا فَأْتُوابِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ.

(كيد): على وزن (صيد) يقول الراغب فيمفرداته: هو نوع من الاحتيال، و يكونأحيانا مذموما، و أحيانا ممدوحا، و إن كانالغالب استعماله في الذم (كما هو الحال فيالآية محل بحثنا).

و من الطبيعي أنّهم لم يستطيعوا شيئا فيذلك اليوم، لأنّ ذلك اليوم تنقطع فيه جميعالأسباب و الوسائل أمام الإنسان، كما وردفي الآية (166) من سورة

1- النون في (فكيدون) مكسورة و جاءت الكسرةمحل ياء المتكلم، و أصلها (فكيدوني) فحذفتالياء و بقيت الكسرة لتدل على الياء، وضمير المتكلم يعود إلى ذات اللّه المقدّسةطبقا لظاهر الآيات، و احتمال رجوعه إلىشخص النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بعيدجدّا.