امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 19 -صفحه : 474/ 363
نمايش فراداده

و قيل أيضا: إنّ الآية تشير إلى ارتفاعالسماء و الأجرام السماوية و بعدها الشاسععن الأرض، بالإضافة لإشارتها للسقفالمحفوظ المحيط بالأرض. و على أيّة حال، فالآية قد نهجت بذات سياقالآية (57) من سورة المؤمن:

لَخَلْقُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِأَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَ لكِنَّأَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ.

ثمّ تنتقل بنا الآية التالية إلى إحدىالأنظمة الحاكمة في هذا العالم الكبير،الكبير، (نظام النور و الظلمة)،: وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَ أَخْرَجَ ضُحاها.

فلكلّ من النور و الظلمة دور أساس و مهمجدّا في حياة الإنسان و سائر الأحياء منحيوان و نبات، فلا يتمكن الإنسان منالحياة دون النور، لما له من ارتباط وثيقفي حركة و إحساس و رزق و أعمال الإنسان، وكذا لا يتمكن من تكملة مشوار حياته من غيرالظلمة، و التي تعتبر رمز الهدوء والسكينة.

«أغطش»: من (الغطش)، بمعنى الظلام، و لكنّالراغب في مفرداته يقول:

و أصله من «الأغطش» و هو الذي في عينه شبهعمش. «الضحى»: انبساط الشمس و امتداد النهار«1».

و تنتقل بنا الآية الاخرى من السماء إلىالأرض، فتقول: وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَدَحاها. «دحاها»: من «الدحو» بمعنى الانبساط، وفسّرها بعضهم: وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَدَحاها.

و للمعنيين أصل واحد، لوجود التلازمبينهما. و يقصد بدحو الأرض، إنّها كانت في البدايةمغطاة بمياه الأمطار الغزيرة التي انهمرتعليها من مدّة طويلة، ثمّ استقرت تلكالمياه تدريجيا في منخفضات الأرض، فشكلتالبحار و المحيطات، فيما علت اليابسة علىأطرافها، و توسعت‏

1- يرجع ضميرا «ليلها» و «ضحاها» إلىالسماء، فنسبة النور و الظلمة إلى السماءباعتبار أنّ لهما منشأ سماويا.