امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 19 -صفحه : 474/ 443
نمايش فراداده

و بعد ذكر كلّ تلك العلائم لما قبل البعث ولما بعده، تأتي النتيجة القاطعة: عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ.

نعم، فستتجلى حقائق الوجود: و سيصير كلّشي‏ء بارز إنّه «يوم البروز» و سيرىالإنسان كلّ أعماله محضرة بخيرها و شرّها،لأنّه يوم إزالة الحجب، و رفع مبرراتالغرور و الغفلة، و عندها ... سيعلم الإنسانما قدّم لآخرته، و ما ترك بعده من آثارحسنها و سيئها، مثل: الصدقة الجارية، فعلالخير، عمارة الأبنية، الكتب التي ألفها،ما سنّ من السنن ... فإن كان ما خلّفه خالصاللّه فسينال حسناته، و إن كانت نيّةأفعاله غير خالصة للّه فستصل إليه سيئاتتبعاته.

و هذه نماذج من الأعمال التي ستصل نتائجهاإلى الإنسان بعد الموت، و هو: المراد من «و أخّرت».

صحيح أنّ الإنسان يعلم بما عمل في دنياهبصورة إجمالية، لكنّ حبّ الذات و الإشتغالبالشهوات و النسيان غالبا ما ينسيه ماقدّمت يداه، فيتغافل عن النظر إلى ما بدّمنه، أمّا في ذلك اليوم الذي سيتحول ويتغير فيه كلّ شي‏ء حتى روح الإنسانفسيلتفت إلى ما قام به من عمل بكلّ دقّة وتفصيل، كما تشير إلى ذلك الآية (30) من سورةآل عمران: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ماعَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ ماعَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ، فكلّ سيرى كلّأعماله حاضرة مجسمة أمام عينه.

و قيل: «ما قدّمت»، إشارة إلى أعمال أوّلعمر الإنسان، و «أخّرت»، إشارة إلى أعمالآخر عمره. و يبدو أنّ التّفسير الأوّل أنسب من جميعالجهات.

و يراد بـ «نفس» الواردة بالآية، كلّ نفسإنسانية.