أن يستعملهم لسياقة حكمته إلى غايتها فيبعض الأمور و يكون ذلك لطفا في حقّهم.
فكان لكلّ من الفريقين (170) نسبة خاصّة إلىالمشيّة فاستعير لإحديهما عبارة «الرضا»و للأخرى عبارة «الغضب».
و ظهر على من غضب عليه في الأزل فعل وقفتالحكمة به دون غايتها فاستعير له«الكفران» و اردف ذلك بنقمة اللعن زيادةفي النكال.
و ظهر على من ارتضاه في الأزل فعل انساقتبه الحكمة إلى غايتها فاستعير له الشكر واردف بخلعة الثناء زيادة في الرضاء والقبول.
فكان الحاصل انّه أعطى الجمال ثم أثنىعليه، و أعطى النكال ثمّ قبّح و أردى،فيكون بالحقيقة هو المجمل و المثنى (171) علىالجمال و المثنى عليه بكلّ حال.
و كأنّه لم يثن إلا على نفسه و إنّما العبدهدف الثناء من حيث الظاهر، فهكذا كانتالأمور في أزل الآزال و هكذا تسلسلتالأسباب بتقدير ربّ الأرباب، و لم يكنشيء من ذلك عن اتّفاق و بخت كما زعمهأصحاب ذيمقراطيس. و لا عن إرادة بحت من دونغاية و حكمة كما عليه أصحاب الأشعري، بل عنإرادة و حكمة و حكم جزم و أمر حتم استعير لهلفظ «القضاء».
و قيل: إنّه كلمح بالبصر ففاضت بحارالمقادير بحكم ذلك القضاء المجزم [المبرم-ن] بما سبق به التقدير فاستعير لترتّبآحاد المقدورات بعضها على بعض، لفظ«القدر» فكان لفظ القضاء بإزاء ذلك الأمرالعقلي (172) الكلّي، و لفظ القدر بإزاء ذلكالأمر التفصيلي القدري (173) المتمادي إلىغير النهاية.
و قيل: ليس شيء من ذلك بخارج عن قانونالقضاء و القدر فخطر لبعض العباد إنّالقسمة لما ذا اقتضت هذا التفصيل؟ و كيفانتظم العدل مع هذا التفاوت في الإيجاد والتكميل؟