ظهور حكم أرحم الراحمين بعد انتفاء حكمشفاعة الشافعين «1».
و الرتبة الثالثة تقتضي التأبيد و دوامحكم التبعيد كما في قوله صلى الله عليه وآله «2»: انّ اللّه لمينظر إلى الأجسام مذ خلقها.
و كمال حكم هذا الغضب يظهر يوم القيمة كماأخبر الرسل عن ذلك قاطبة بقولهم الذي حكاه نبيّنا صلى الله عليه وآله و عليهم«3»: إنّ اللّه غضب اليوم غضبا لم يغضب قبلهو لن يغضب بعده مثله. فشهدت بكماله شهادةيستلزم بشارة لو عرفت لم تيأس من رحمةاللّه و لو جاز (198) إفشاء ذلك، و كذا سرّ تردّد الناس إلى الأنبياء عليهمالسلام، و ابتهالهم إلى نبيّنا عليه وعليهم السلام، و سرّ فتح اللّه بابالشفاعة و سرّ وضع الجبّار قدمه فيها- يعنيفي جهنّم- فينزوي بعضها إلى بعض و تقول قطّقطّ- أي حسبي حسبي «4»- و سرّ السجداتالأربعة و ما يخرج من النار كلّ دفعة و ماتلك المعاودة «5»، و سرّ قول مالك خازن جهنّم لنبيّنا صلى اللهعليه وآله في آخر مرّة يأتيه لإخراج آخر منيخرج بشفاعته: يا محمّد ما تركت لغضب ربكشيئا «6»، و سرّ قوله: شفعت الملائكة و شفع النبيّون و شفعالمؤمنون و لم يبق إلا أرحم الراحمين «7»، و سرّ قوله سبحانه لنبيه عند شفاعته في أهل لاإله إلّا اللّه: ليس ذلك لك الذي يقول فيأثره شفعت الملائكة الحديث و غير ذلك من الأسرار التي رمزت و أجملذكرها مما يبهر العقول و يحيّر الألبابكما قيل:
1، 7) مضى في ص 71. 2) الجامع الصغير: 1/ 72. 3) البخاري: 4/ 164. 4) الدر المنثور في تفسير: (يوم نقول لجهنم...) 6/ 107. 5، 6) رواه الغزالي في الأحياء، و قالالعراقي في تخريجه: أخرجه الطبراني فيالأوسط (باب الشفاعة 4/ 527).