تفسیر کتاب اللّه المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 1 -صفحه : 510/ 177
نمايش فراداده

و أما اشتمالها على علم الوسط فلأن قوله:ايّاك نعبد و ايّاك نستعين، إشارة إلىالأعمال و الأحوال التي يجب أن يكونالإنسان عاملا بها و مديما عليها ما دامكونه في هذه الحيوة الدنيا و هي قسمانبدنيّة و قلبيّة، فالبدني تهذيب الظاهر عنالنجاسة و تزيينه بالعبادة كالصلوة والصيام و غيرها.

و القلبي تهذيب الباطن عن الغشاوات وخبائث الملكات بإعانة اللّه و توفيقهلتستعدّ نفسه بذلك لأن تتنوّر بأنوارالمعارف الإلهيّة و تستكمل بالحقائقالربّانية ليتقرّب بذلك إلى اللّه و يحشرإلى دار كرامته كما دلّ عليه قوله تعالى:اهدنا الصّراط المستقيم، أي علّمنا طريقالوصول إليك.

و أما اشتمالها على علم المعاد و هو العلمبأحوال النفس الإنسانيّة الكاملة فيالعلم و العمل المبرأة عن آفة الجهل و نقصالعصيان فقوله: صراط الّذين أنعمت عليهمإلى آخرها، إشارة إلى علم النفس و هي صراطاللّه العزيز الحميد و باب اللّه المؤتىمنه إلى الحق، فبالنفس الإنسانيّةالعالمة العاملة المهتدية بنور اللّه،يساق الخلق إلى الحقّ و يدخل الخلائقكلّها في طريق العود من هذا الباب إلىالخالق، فإنّ الوجود في صورة دائرة انعطفآخرها على أولها فكما إنّ الوجود فيالابتداء كان أولا العقل ثمّ النفسالكلّية ثمّ الطبيعة الكلّية ثمّ الأبعادو الأجرام كلّها ففي الانتهاء كان أولاجمادا ثمّ نباتا ثمّ حيوانا ثمّ إنسانا وله مراتب باطنيّة كان أولا في مقامالطبيعة و النفس ثمّ في مقام القلب و العقلثمّ في مقام الروح و السرّ، و إذا بلغ إلىهذا المقام اتّصل بغاية الكمال و التمام.