تفسیر کتاب اللّه المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 1 -صفحه : 510/ 235
نمايش فراداده

و كذا قوله تعالى: وَ أَمَّا ثَمُودُفَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّواالْعَمى‏ عَلَى الْهُدى‏ [41/ 17] بمنزلةقولك: شوّقناهم فلم تشتاقوا و علّمناهمفلم تعلموا، ليس بمناف لكون الهداية بمعنىالدلالة الموصلة- على ما حقّقناه.

فقوله: هدى للمتّقين، معناه إنّهمالمهتدون بأنوار الكتاب و المنتفعونبآياته دون غيرهم، و إن كانت دلالته عامّةلكل ناظر من مسلم و كافر و صالح و فاجر.

و بهذا الاعتبار قال: هدى للنّاس، أولأنّه لا ينتفع بالتامّل فيه و التدبّر فيآياته إلّا من صفى صفحة باطنه و تطهّر وجهسرّه عن كدورات الأوهام الفاسدة و الآثامالمظلمة، و استعمله في مطالعة الآياتالإلهيّة و الأنوار الربّانية و النظر فيالمعجزات النبويّة و العلوم الوهبيّة،لأنّه كالغذاء الصالح لحفظ الصحّةالبدنيّة، فإذا تناوله البدن الذي ليسبالنقيّ لا يزيده إلا شرّا و وبالا و سقماو نكالا كما قاله بعض الأطباء.

و إليه أشار بقوله: وَ نُنَزِّلُ مِنَالْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌلِلْمُؤْمِنِينَ وَ لا يَزِيدُالظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً [17/ 82].

فصل في التقوى‏

أصله و قوى قلبت الواو تاء كالتراث أصلهوراث، فالأصل في المتّقين: الموتقيينمفتعلين من الوقاية.

و الاتّقاء في أصل اللغة، الحجز بينالشيئين، يقال اتّقاه بالترس أي جعلهحاجزا بينه و بينه.

و الوقاية فرط الصيانة سواء كان في أمردنيوي أو أخروي لكن لمّا وقع المتّقي فيعرف الشرع في معرض المدح فلن يكون متّقياإلّا من اتّقى عمّا يضرّه في الآخرة و لهمراتب ثلاث: