تفسیر کتاب اللّه المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 1 -صفحه : 510/ 280
نمايش فراداده

لطهارة الظاهر أيضا تأثير في إشراق نورهاعلى القلب. فإنّك إذا أسبغت الوضوء واستشعرت نظافة ظاهرك، صادفت في القلبانشراحا و صفاء لا تصادفه قبله. كيف وإدراك النظافة يوجب حصول صورتها في القلب،و هذا ضرب من الوجود، و فعل الطهارة أوجبحصولها في القلب و لو بوجه ضعيف.

و ذلك لسرّ العلاقة الواقعة بين عالمالشهادة و عالم الغيب، فإنّ ظاهر البدن منعالم الشهادة و الملك، و القلب من عالمالغيب و الملكوت بأصل فطرته، و إنّما يكونهبوطه إلى هذا القالب كالغريب عن موطنهالأصلى، و نزوله إلى أرض عالم الشهادة عنالجنة التي هي موطنه و موطن أبيه المقدس،لجناية صدرت أولا عن أبيه.

و كما ينحدر من معارف القلب آثار إلىالبدن، فكذلك يرتفع من أحوال الجوارحأنوار إلى القلب و لذلك أمر بالصلاة معانّها حركات للجوارح و هي من عالم الشهادة.

و بهذا الوجه جعلها رسول اللّه صلى اللهعليه وآله من الدنيا فقال «1»: أحببت من دنياكم ثلثا- الحديث. وعدّ الصلوة من جملتها.

و من هاهنا قد شممت شيئا يسيرا من أسرارالطهارة و الصلوة و سائر العبادات، و إذاتقرّر هذا عندك و علمت بمثل هذا التقسيم فيجميع العبادات و اتّضح لك و تاكّد عندكحسبما قدمنا إليك إنّ الصلوة منقسمة إلىرياضيّ جسمانيّ و إلى حقيقيّ روحانىّ،فاعلم إنّ نفوس الإنسان متفاوتة بحسب آثارالقوى و الأرواح و الدواعي المتركبّةفيها، فمن غلب عليه الروح الطبيعي والحيواني، فإنّه عاشق [البدن‏] يحبّ نظامهو تزيينه و تعظيمه و أكله و شربه و لبسه وطالب جذب منفعته و دفع مضرّته، فهذاالطالب من عداد الحيوانات و زمرة البهائم.فأيّامه مستغرقة باهتمام بدنه، و أوقاتعمره‏

1) جاء في الخصال (باب الثلاث: 165) و المسند(3/ 182 و 199): بلفظ:

حبب ...