تفسیر کتاب اللّه المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 1 -صفحه : 510/ 305
نمايش فراداده

الآخرة و مشاهدة الأرواح المجرّدة عنغشاوة هذه القوالب بواسطة انفتاح بابالملكوت على روزنة القلوب، و أعني بهذهالأرواح الحقائق المحضة و الصور المجردةعن كسوة التلبيس و غشاوة الأشكال.

و هذا العالم لا نهاية لها، بخلاف عوالمالمحسوسات و المتخيّلات، فإنّها متناهية.

و أكثر الناس إدراكهم مقصور على عالمالحسّ و التخيّل من الطبيعيات والمقداريّات، و لم يؤمنوا بما وراءالمحسوس و المتخيّل، و لم يعلموا علم ماقبل الطبيعة و لم يذعنوا بها كما قال تعالىوَ ما أَكْثَرُ النَّاسِ وَ لَوْ حَرَصْتَبِمُؤْمِنِينَ [12/ 103].

و هذان المنزلان هما النتيجة الأخيرة مننتائج عالم الملكوت، سيّما عالم المحسوسفإنّه القشر الأقصى من اللباب الأصفى و منلم يجاوز هذه الدرجة، فكأنه لم يشاهد منمراتب الجوز إلا قشرته، و من عجائبالإنسان إلّا بشرته. و مقام كلّ أحد ومحلّه و منزله و معاده في العلو و السفلبقدر إدراكه و هو معنى‏ قول أمير المؤمنين عليه السّلام «1»:«الناس أبناء ما يحسنون» أي يعلمون و به يعملون.

فالإنسان بين أن يكون بهيمة أو جنيّا أوملكا، و للملائكة درجات. فالسير في عالمالملكوت- و فيه منبع الحيوة الأبدية- مثالهالمشي على الماء ثمّ يترقّى منه إلى المشيفي الهواء و لذلك‏ لمّا قيل لرسول اللّه صلى الله عليه وآله«2»: إن عيسى عليه السلام كان يمشى علىالماء، قال: لو ازداد يقينا لمشى فيالهواء.

و أمّا التردّد على المحسوسات، فهوكالمشي على الأرض، و بينها و بين الماء (268)-أي عالم الملكوت- عالم يجرى مجرى السفينة والمعبر من عالم الملك إلى عالم الملكوتالأعلى، و فيها يتولّد درجات الجنّ والشياطين. (269) فمتى تجاوز الإنسان عالم البهائم ينتهىإلى عالم الجنّ و الشياطين. و منه يسافرإلى‏

1) بحار الأنوار: الروضة، باب ما جمع منجوامع كلمه (ع): 78/ 46.

2) كنز العمال: اليقين: 3/ 439.