تفسیر کتاب اللّه المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 1 -صفحه : 510/ 382
نمايش فراداده

و أمّا المحجوب عن الدين فقد لا يحجب عنالحقّ. فهؤلاء ادّعوا رفع الحجابينفكذّبوا بسلب الايمان عن ذواتهملمخادعتهم للّه و أوليائه، و مماكرتهم وزيادة المرض في قلوبهم مع الهلاك الاخروي،فهؤلاء أسوء مآلا و أشد نكالا من عامّةالكافرين.

و لهذا فرّق اللّه بين العذابين بالعظم والألم، لأن عذاب المطرودين في الأزل و إنكان أعظم لنزولهم في مهوى الحشرات والدوابّ و الأنعام فلا يدركون شدّة عذابهمو لا يجدون غمّهم و ألمهم لعدم صفاء إدراكقلوبهم بواسطة كثافة الحجاب و غلظةالنقاب، كحال العضو الميّت أو المفلوج أوالخدر بالنسبة إلى ما يجرى عليه من القطع والكيّ و غير ذلك من الآلام.

و أما المنافقون فلثبوت استعدادهم فيالأصل و بقاء إدراكهم يجدون شدّة الألمفلا جرم كان عذابهم أليما مسبّبا عن المرضالعارض المزمن الذي هو الكذب و الخديعة والحسد و النفاق و الجهل المشفوع بالإصرارو اللداد و غيرها، و إذا نهوا عن الفساد فيالجهة السفلية أنكروا و بالغوا في إثباتالصلاح و الإصلاح لأنفسهم، كما حكى اللّهعنهم فيما بعد إذ يرون الصلاح في تنظيمأسباب المعيشة و تيسير أمور الدنيالأنفسهم خاصّة، و إن كان مؤدّيا إلى خسرانالعاقبة لتوغّلهم في محبّة الدنيا و ميلالجاه و الثروة و انهماكهم في اللذات والراحات البدنيّة و احتجابهم بالمنافعالجزئيّة و الملاذّ الحسيّة عن المصالحالعامّة و اللذّات العقليّة و هم لايشعرون بذلك، و إن كان معلوما بالمشاهدةالحسيّة لأنّ محبّة الدنيا سلب عقولهم وأعمى قلوبهم و أصمّ نفوسهم، و لذا قيل:«حبّك للشي‏ء يعمى و يصم».

فصل [المنافق و الكافر أيهما أسوء حالا]

قد علمت تحقيق الفرق بين المنافق و الكافرالأصلي تصريحا و تلميحا في مواضع متعدّدة،لكن القوم اختلفوا في أنّ أيّهما أسوءفعلا و أقبح حالا.