قال قوم: قبح الكافر الأصلى أقبح لأنّهجاهل بالقلب، كاذب باللسان، و المنافقجاهل بالقلب صادق باللسان.
و قال آخرون بل المنافق أيضا كاذبباللسان، فإنّه يخبر عن كونه على ذلكالاعتقاد مع انّه ليس عليه، و لذلك قالتعالى: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْلَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُواأَسْلَمْنا [49/ 14] و قال: وَ اللَّهُيَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَلَكاذِبُونَ [63/ 1] ثمّ إنّ المنافق اختصّبمزيد امور منكرة:
الأول: إنّه قصد التلبيس، و الكافر ما قصدذلك.
الثاني: إنّ الكافر على طبع الرجال والمنافق على طبع الخنوثة. أقول: الكائن علىطبع الرجال هم المؤمنون حقّا لا الكفّار،فالأولى أن يقال: الكافر على طبع الانوثة والمنافق على طبع الخنوثة و طبع الخنوثةأقبح من الانوثة. و ذلك لأنّ الآخرة دارالمبادي الفعّالة و الدنيا موضع القوابلالمنفعلة، فموطن المؤمن أي عالم القدس،موطن الرجال.
و موطن الكافر أي الدنيا و هي عروسةغدّارة رعناء، موطن النسوان.
و المنافق ذو الوجهين لا من هذا و لا منذاك، فعاقبته البوار و الهلاك و انقطاعالنتيجة و البقاء النوعي العقلي في النشأةالدائمة.
الثالث: إنّ الكافر ما رضي لنفسه بالكذببل استنكف منه و لم يرض إلّا بالصدق، والمنافق رضي بذلك.
الرابع: إنّ المنافق ضمّ إلى كفرهالاستهزاء، بخلاف الكافر. و لأجل غلظ كفرهقال إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِالْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ [4/ 145].
الخامس قال مجاهد: إنّه تعالى ابتدأ بذكرالمؤمنين في أربع آيات، ثمّ ثنّى بذكرالكافر في اثنتين، ثمّ ثلّث بذكرالمنافقين في ثلاث عشرة آية. و ذلك يدلّعلى أنّ المنافقين أعظم جرما.
و هذا بعيد لأنّ كثرة الاقتصاص بخبرهم لايوجب كون جرمهم أعظم، فإنّ عظم فلغير ذلك،و هو ضمّهم إلى الكفر وجوها من المعاصي،كالمخادعة و الاستهزاء