فالحقّ ما ذكرنا من أنّ الإنسان الكاملعند خروج روحه عن مشيمة هذه العالم و نشرصحيفة ذاته يكون كما أشار إليه أبو يزيدالبسطامي بقوله: لو أنّ العرش و ما حواهألف مرّة وقع في زاوية قلب العارف لماملأه، و قد أشار بعض أكابر العارفين فينظمه إلى هذا المعنى حيث قال:
فقوله من وسع الحقّ إشارة إلى الحديثالقدسيّ المشهور أعنى قوله سبحانه ما وسعني أرضي و لا سمائي و لكن وسعني قلبعبدي المؤمن.
ذكر البيضاوي «1» إنّ فيه دليلا على أنّالممكنات كما هي مفتقرة إلى المحدث حالحدوثها فهي مفتقرة إلى المبقي حال بقاءهابناء على ما ذكر سابقا انّ معنى التربيةتبليغ الشيء إلى كماله شيئا فشيئا.
و أقول: ليس فيه دليل على ذلك إذ الشيءالتدريجي لما كان حصوله على هذه الوجهفجميع زمان وجوده هو بعينه زمان حدوثهفالنامي مثلا زمان نموّه من أول نشؤه إلىمنتهى كماله المقداري هو زمان حدوث مقدارهالحاصل له شيئا فشيئا، و كفعل الصلوة فإنزمانه من لدن أول تكبيرة الافتتاح إلى آخرتسليمة الاختتام كلّه وقت الحدوث لا وقتالبقاء (55). نعم فيه دليل على أن العالمتدريجيّ الحصول متدرج في التكوّن
1) البيضاوي: تفسير سورة الحمد: 4.