بسم اللّه الرحمن الرحيم قوله جلّ اسمه: [سورة البقرة (2): الآيات 17الى 18] مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِياسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ماحَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ(17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لايَرْجِعُونَ (18) تحقيق الآية يستدعي تمهيد مقدّمات.
إحداها هي إنّ العوالم متطابقة و انشأت متحاذية،نسبة الأعلى إلى الأدنى كنسبة الصافي إلىالكدر، و نسبة اللبّ إلى القشر. و نسبةالأعلى إلى الأدنى كنسبة الفرع إلى الأصلو نسبة الظلّ إلى الشخص و نسبة الشخص إلىالطبيعة و نسبة المثال إلى الحقيقة.
فكلّ ما في الدنيا فلا بدّ له في الآخرة منأصل، و إلّا لكان كسراب باطل و خيال عاطل،و كلّ ما في الآخرة فلا بدّ له في الدنيا منمثال، و إلّا لكان كمقدّمة بلا نتيجة وشجرة بلا ثمرة و علّة بلا معلول و جواد بلاجود، لأنّ الدنيا عالم الملك و الشهادة، والآخرة من عالم الغيب و الملكوت، و لكلّإنسان دنيا و آخرة، و اعنى بدنياك حالتكقبل الموت، و بآخرتك حالتك بعد الموت.
فدنياك و آخرتك من جملة أحوالك و درجاتكيسمّى القريب الداني منها دنيا و ما بعدهالمتأخّر آخرة، و كون الدنيا متقدّمة علىالآخرة ليس بحسب الأمر في ذاته، بلبالإضافة إلينا من جهة إنّ الإنسان أول مايحدث يكون في عالم الحسّ و الشهادة، ثمّيتدرّج قليلا قليلا في قوّة الوجود، حتىينتقل من هذا العالم إلى عالم الغيب والآخرة عند قيامه.