تفسیر کتاب اللّه المنزل جلد 2
لطفا منتظر باشید ...
فبالقياس إليه، يكون الدنيا أولاه والآخرة أخراه، كما إنّ الصورة في المرآةتابعة لصورة الناظر في رتبة الوجود وثانية لها، و هي و إن كانت ثانية في رتبةالوجود، فإنّها أول في حقّ رؤيتك، فإنّهالا ترى نفسك و ترى صورتك في المرآة أولا،فتعرف بها صورتك التي هي قائمة بك ثانياعلى سبيل المحاكاة، فانقلب التابع فيالوجود متبوعا في حقّ المعرفة، و انقلبالمتاخّر متقدّما.و هذا النوع من الانعكاس و الانتكاس،ضرورة هذا العالم، و كذلك عالم الشهادةمحال لعالم الغيب و الملكوت.و من الناس من يسّر له نظر الإعتبار فلاينظر في شيء من عالم الملك إلّا و يعبر بهإلى عالم الملكوت فيسمّى عبوره عبرة، و قدامر الخلق به قال سبحانه فَاعْتَبِرُوا ياأُولِي الْأَبْصارِ [59/ 2].و منهم من عميت بصيرته فلم يعبر فاحتبس فيعالم الملك و الشهادة و سينفتح إلى حبسهأبواب جهنّم و هذا الحبس ممتلى نار أشأنهاأن تطّلع على الأفئدة إلّا أنّ بينه و بينإدراك المها حجاب، فإذا رفع الحجاببالموت، أدرك.و عن هذا أظهر اللّه الحقّ على لسان قوماستنطقهم بالحقّ فقالوا الجنّة و النارمخلوقتان هذا، ثمّ إنّا نحن الآن نتكلّماو نخاطب في الدنيا من في الآخرة.و الغرض من إنزال القرآن أكثره شرح أحوالالآخرة و خصوصا في هذه الآية فإنّ الغرضشرح أحوال طائفة من المنافقين بحسب باطنهمو آخرتهم، و الآخرة من عالم الملكوت و لايتصوّر شرح عالم الملكوت في عالم الملكإلّا بضرب الأمثال و لذلك قال سبحانه: وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُهالِلنَّاسِ وَ ما يَعْقِلُها إِلَّاالْعالِمُونَ [29/ 43].و هم الذين جرّدوا صور المحسوسات عنقشورها الماديّة و أحضروها عند عقولهمالعابرة عن عالم الأمثلة الحسّية إلى عالمالحقائق و الملكوت و عالم الأمثلة الحسيّةبالقياس إلى عالم الحقائق كنشأة النومبالقياس إلى عالم الملكوت و لذلك قال عليه السّلام: الناس نيام فإذا ماتواانتبهوا.