قوله جلّ اسمه: [سورة البقرة (2): آية 23]
وَ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّانَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوابِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَ ادْعُواشُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْكُنْتُمْ صادِقِينَ (23)اعلم إن اللّه سبحانه لمّا أقام الدلائلالباهرة و الحجج القاهرة على اثباتالتوحيد و تحقيقه و إبطال الإشراك و هدمقواعد الأنداد و الأعداد، و عرّف العقولبأنّ من أشرك فقد عطّل ميزان عقله عنالاستعمال، و باع رأس مال فطرته باتّباعالأرذال و تقليد الجهّال، و غطّى ما أنعماللّه عليه من نور العقل و التمييز بظلماتالوهم و الخيال- عطف على ذلك ما هو الحجّةعلى إثبات النبوّة لنبيّنا محمّد صلى اللهعليه وآله المبعوث على كافّة البريّة و مايدحض به الشبهة في كون القرآن معجزة، وأراهم ما يلجئهم إلى الاعتراف بذلك.و إلّا فقد حرّم اللّه تعالى شرب ماء حيوةالقرآن، و ذوق مشارب الايمان و حقائقالعرفان على أهل هذه الظلمات و مقابرالأموات، و الراقدين في مراقد الجهالات،فإنّه تعالى قد جعل إعراض المعرضين عنمطالعة كتابه و اعتراض المعترضين على سيّدأحبّائه و أحبابه حجابا من حجب غيرته، وسرادقا من سرادقات عزّته لحبيبه المرسل وكتابه المنزل فلا يشاهد المعرضون عن اللّهحبيبه، و لا يطالع المعترضون على اللّهكتابه.