تفسیر کتاب اللّه المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 5 -صفحه : 443/ 13
نمايش فراداده

و انما هذه التصفية هي (في- ن) ذهاب العبدالى الرب طلبا للهداية:

إِنِّي ذاهِبٌ إِلى‏ رَبِّي سَيَهْدِينِ[47/ 99] و هذه التنقية مواجهة العبد مع الرب:إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِيفَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ [6/ 79] وهذه التنفية توحيد الذات عن ما سوى اللّه:إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاًلِلَّهِ [16/ 120].

فإذا بلغ الإنسان هذا المبلغ من البرائةمن غير اللّه مات عن نفسه، و صارت نفسهمرآة مجلوة تحاذي بها شطر الحق، فانعكسفيها سر الملكوت، و فاض عليها قدساللاهوت، و مات عن غير اللّه و عن نفسه وهواه، و حشر الى ربه باقيا ببقائه،متسرمدا بسرمديته، و نفذ حكمه و استجابدعائه على حسب التابعية و مقام الرضا، وتكرم بكرامة التكوين و الإيجاد: وَ لَكُمْفِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ [41/ 31] و كتباليه الباري سبحانه كتابا إلهيا عنوانه-كما ورد في الحديث عن رسول اللّه صلى اللهعليه وآله- قوله تعالى:

«من الحي القيوم الذي لا يموت، الى الحيالقيوم الذي لا يموت، أما بعد فاني أقولللشي‏ء «كن» فيكون، و قد جعلتك اليوم تقولللشي‏ء «كن» فيكون- قال (ص): فلا يقول أحدمن أهل الجنة «كن» الا و يكون».

ثم لما كان الوصول الى هذه المنزلةمستحيلا الا بتحصيل العلوم الحقيقية ومكاشفة الاسرار الالهية، و لا شك ان أجلالعلوم رتبة و أعلاها درجة و منقبة وأعظمها ثمرة و غاية هي معرفة الحق الاول وما يليه من عقوله و ملائكته و كتبه و صحائفملكوته و رسله و أوليائه، و معرفة اليومالاخر و أحوال القيامة و طبقات الناس فيهابحسب السعادة و الشقاوة، و هذه المعارف هيالمسماة «بالايمان» عند اولياء الشريعة،و «بالحكمة الالهية» عند طائفة من أئمةالعلوم الربانية فكان «1» اللّه أول ما دعىالمكلفين من خلقه، انما دعاهم الى النظر والاعتبار،

1- في النسخ الموجودة عندنا: «و لان اللّه...» و التصحيح قياسي.