الموصل الى توحيد ذاته و معرفة صفاته وآياته بالدلالات الواضحة، و البراهينالزاهرة الدالة على وحدانيته و تنزيههذاتا و صفة و فعلا عن مشابهة خلقه و صنعه وقطع عذرهم و أزاح عللهم، حيث أمرهم بالنظرو الاعتبار في كتابه المنزل من السماءبأكثر من أربع مائة آية تصريحا و تلويحا، وجعل بناء الصدق في الأحكام الاعتقادية علىالبرهان حيث قال: قُلْ هاتُوابُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [2/111] و مدح الناظرين و المتأملين الذينعرفوه و دعوا الخلق الى معرفته بآياته،فقال عز من قائل: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُلا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَ الْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ اعلاما بأن الموحدينبعد اللّه و ملائكته هم أولوا العلم منالناس.
و مما يدل على أن القائل بنبوة رسوله صلىالله عليه وآله هم العلماء دون غيرهم قوله:وَ يَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَهُوَ الْحَقَّ [34/ 6] إذ كل عارف بشيء لايعرفه الا بما في نفسه من معناه، فمن لميكن له حظّ من العلم و نصيب من المعرفة لايعرف العالم و علمه، لخلوه عما يمكن بهمعرفته، و لذلك قال: أَ فَمَنْ يَعْلَمُأَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَالْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّمايَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ [13/ 19]اعلاما بأن المؤمنين المصدقين للرسالة وانزال القرآن من اللّه الى الرسول همالعلماء بالحقيقة دون غيرهم من العوام والمقلدين.
و حكي ايضا عن خيار رسله و امنائه على خلقهاستعمالهم طريق البرهان فيما يستكمل بهنفوسهم و ذواتهم، و اليه أشير بقوله في حقيوسف الصديق- على نبينا و آله و عليهالسلام-: لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَرَبِّهِ [12/ 24].
و حكي أيضا عنهم اشتغالهم بطريق المباحثةو الجدل مع من ليس له رتبة البرهان والمكاشفة، لأنه غوى عن المحجّة و ضل و عدلعن الطريق الأمثل و أضل، و هي احدىالصناعات الخمسة المشهورة في فن الميزان،الذي هو