معرض التغير و الزوال، فلهذا قال صلى الله عليه وآله: «اجتهدوا، فكلميسر لما خلق له» و روى ايضا: «من اجتهد فأصاب فله أجران، و مناجتهد و أخطأ فله أجر واحد» «1» ففرق- صلى الله عليه وآله- بين أصلالدين و فرعه لما في أصل الدين من الخطرالعظيم و الثواب الجسيم، و من طلب العظيمخاطر لا محالة بعظيم و لا يكون في هذاالعلم كل مجتهد مصيبا و لا المخطي فياجتهاده معذورا مأجورا، بل باتفاقالعلماء يكون مأزورا ممكورا مطرودا عن باباللّه مهجورا.
فإذا ثبت هذا فمن شأن العاقل أن يبدءبالأهم فالأهم، و يحتاط لنفسه و يطلب مافيه النجاة و الفوز بالعقبى (في العقبى- ن)بعالي الدرجات فان امور الدنيا زائلة وعذاب اللّه شديد و أعظمه الاحتجاب عنه يومالقيامة، و هو الأليم المقيم كَلَّاإِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍلَمَحْجُوبُونَ، ثُمَّ إِنَّهُمْلَصالُوا الْجَحِيمِ [83/ 15- 16].
و لا شبهة في أن القرآن العظيم انما نزللتعليم الخلق و هدايتهم الى الصراطالمستقيم، إذ فيه نقاوة علم النبيين وغاية معارف الأولين و الآخرين، و ثمرةأنظار الحكماء السابقين و اللاحقين إذ كلسورة من سوره باب حكمة اللّه، التي لم يرمثلها عيون أعيان الآدميين، و كل آية منآياته نور يستضاء به سبيل حضرة ربالعالمين.
و من بينها سورة يس لها مزيد اختصاص في كشفعلوم الدين و إيضاح طرق اليقين، قلما يوجدفي غيرها، و قد وردت الاخبار في فضلها وشرفها، و جزيل الأجر و الثواب لقاريها وجميل الرحمة و حسن المآب لمتأمليها وتاليها و كفى بنافي ذلك شاهدا مبينا من قوله صلى الله عليه وآله: «لكل شيء قلب،و قلب
1- راجع البخاري: 9/ 132. المسند: 4/ 204.