تفسیر کتاب اللّه المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 5 -صفحه : 443/ 17
نمايش فراداده

و قال لكافة المؤمنين: وَ لا تُجادِلُواأَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَأَحْسَنُ [29/ 46] فأمره سبحانه و أمته بإيضاحطريق الحق بالجدل و كشف الحق عن الباطل ونهى عن التقليد و ذمّ أهله، و أمرهمبالمصير الى النظر و المعرفة، و خوفهمبالزجر عن اتباع الرجال السابقين و تقليدالاسلاف و المشايخ الماضين، و القول فيدينهم بغير دليل، فقال سبحانه: وَ إِذاقِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَاللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ماوَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَ وَ لَوْكانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى‏عَذابِ السَّعِيرِ [31/ 21] و قال أيضا فياخباره عن عدم امتثال هؤلاء وردهم الى ماأتى به النبيّون، فقال: إِنَّا وَجَدْناآباءَنا عَلى‏ أُمَّةٍ وَ إِنَّا عَلى‏آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ [43/ 22].

فتأمل كيف عيّرهم اللّه به و جعل من أعظمذنوبهم تقليد الغير من غير استبصار، وتركهم النظر و الاعتبار، فان الادلةالنافعة و الحجج المقنعة أنفع شي‏ءللسالك في طريق المعرفة، إذ بممارستهيتأدى الى البراهين الصحيحة و المشاهداتالصريحة لآيات اللّه.

فثبت بذلك أن المعارف اليقينية و العلومالحكمية أساس الدين و رأس مال أهل اليقين،الذي يتحد طريقه و يؤمن سالكه و يكفرتاركه، و لا يعذر من أخطأ في اجتهاده و عدلعنه، و لهذا قال صلى الله عليه وآله: «ستفرق امتي علىثلاث و سبعين فرقة، الناجية منها واحدة» «1» و برواية: «كلها في النار الا واحدة» «2» و في رواية: «قيل يا رسول اللّه و ما تلكالواحدة؟ قال: ما أنا عليه اليوم وأصحابي».

و هذا بخلاف فروع الدين، فإنها علوممتعلقة بكيفيّة الاعمال، و هي في‏

1- بحار الأنوار: كتاب الفتن و المحن،الباب 1: 28/ 4.

2- المصدر السابق. الترمذي: 5/ 26.