لكونهم صاروا بسبب خروجهم عن قبورهم وقيامهم عن منامهم مكشوفي الغطاء حديديالبصر، قالوا: «يا ويلنا من بعثنا منمرقدنا و حشرنا من منامنا الذي كنا فيهنياما؟» ثم قيل لهم: «هذا بعينه ما وعدالرحمن و صدق المرسلون» اى: هذا وعد الرحمنو صدق المرسلين- على تسمية الموعود والمصدوق فيه بالوعد و الصدق- ان جعلت «ما»مصدرية- و أما ان جعلت موصولة فيكون معنى«الذي صدق المرسلون» بمعنى و الذي صدق فيهالمرسلون من قولهم:
«صدقوهم في الحديث و القتال» و منه:«صدقنى سن بكره» «1».
و انما يطابق هذا الجواب لسؤالهم عنالباعث لهم عن مرقدهم، لكونه بمعنى: بعثكمالرحمن الذي وعدكم البعث و أنبئكم به رسلهالا انه جيء به على نهج التخويف والتهويل لقلوبهم و النعي اليهم فيأحوالهم، و ذكر منشأ فزعهم و أهوالهم منسبق كفرهم باللّه و تكذيبهم للرسل والاخبار لهم بوقوع ما أنذروا به على لسانالأنبياء.
و لا يبعد ان يكون المراد من طي الجواب انالحال أشد عليهم من أن يسع لهم السؤال ويستأهلون للجواب عن سبب البعث و النشور،كأنه قيل لهم:
ليس بالبعث الذي عرفتموه- من بعث النائمفي الدنيا من مرقده- حتى يسع لكم السؤالعمن يبعثه، ان هذا هو البعث الأكبر والقيامة الكبرى ذات الشدائد و الأهوال والأحزان و الافزاع، و هو الذي وعده اللّهفي مواضع كثيرة من كتبه المنزلة على السنةرسله الصادقين و معانيها الواردة على قلوبأوليائه الصالحين.
و اختلف أهل التفسير في أن القائل لهذاالكلام من هو؟ فعن مجاهد:
1- يضرب مثلا في الصدق. مجمع الأمثال 1/ 392