تفسیر کتاب اللّه المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 5 -صفحه : 443/ 207
نمايش فراداده

للصور.

و قد أشرنا الى أن نزول الشي‏ء عن فطرتهيكثّره و يضعفه، فهذه الحواس على كثرتهاكأنها هي صفات النفس الموجودة في ذاتهابوجود واحد تشعّبت و تكثرت في البدن، والضعف مما يوجب التكثر و الانقسام، كالنبضيتعدد و يتواتر عند ضعفه، فإذا رجعت النفسالى فطرتها و ذاتها من هذا العالم صارإدراكها للأشياء عين قدرتها عليه، فيكونعلمها فعلا و حسها قدرة، و كلما كانت أتمقوة و أقوى تجوهرا و أقل مزاحمة من قواها وشواغلها كانت ملاقاتها للصور الغيبيّة ومشاهدتها إياها و ترتب آثار الوجود علىصورها المشهودة الذاذا او ايلاما أكثر.

و ربما كانت قوة بعض النفوس لغاية جلالتهاو قربها من الحق سبحانه بحيث تفي بضبطالجانبين و تسع للتصرف في النشأتين، فكانتمع تعلقها بهذا البدن مشاهدا لعالمالاخرة، و ذلك لنفضهم غبار هذه المحسوساتعن أذيال نفوسهم، و عدم التفاتهم الى صورهذه الدار الا بعين الاحتقار، فلا يشغلهمشأن عن شأن و لا يحجبهم منزل عن منزل، و لايلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر اللّه و تذكرالأمور الاخروية، فهي كالمبادئ الفعّالةذاتا و صفة و فعلا فتقدر على إيجاد الصور وإنشاء الأعيان و ذلك لظهور سلطان الاخرةعلى قلوبهم و قيامهم الى اللّه عن هذهالقبور البالية.

فهذه أنموذج لمعرفة أحوال الاخرة و مايراه الإنسان من الصور الملّذة أو المؤذيةالموعودة أو المتوعّدة عليها في الجنة والنار، و يعلم منه كيفيّة إحضار كل مايشتهيه و يدعيه أهل الجنة في الجنة المشاراليه في هذه الاية في قوله: «وَ لَهُمْ مايَدَّعُونَ».