الخالق، و إلا لزم أن يكون تكوين الجماداتالعظيمة المقادير أفضل و أصعب من تكوينالإنسان، و اللازم بديهي البطلان لوجودبدائع الفطرة و شواهد الحكمة في خلقتهأكثر من أن تحصى.
بل كمال قدرة القادر و عظمة الصانع انمايكون بفضيلة الوجود في المقدور و فضيلةالوجود انما يظهر بكثرة ترتب الآثارالحسنة، و وفور الخيرات اللازمة و بدائعالمنافع الدائمة، و فضيلة السماويات علىالعنصريات ليست بعظمة الجثة و زيادةالمقدار، بل بفضيلة الوجود و كثرة الآثارو الأنوار، و بقوام الصنعة و دوام الخلقة،و وثاقة الجوهر و ثبات الوجود، و خلوصالصورة عن الآفة و الكدورة عن طريان الضد والمفسد للذات و الصفة.
و اما قوله تعالى: لَخَلْقُ السَّماواتِوَ الْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِالنَّاسِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لايَعْلَمُونَ [40/ 57] فليس فيه دلالة على عظمةالخلق و فضيلة الإيجاد، لما ذكرنا من دوام(قوام- ن) صورتها و شرافة طبائعها، لا لكبرجرمها و عظم مقدارها فقط، كما يدل عليهقوله: و لكن أكثر الناس لا يعلمون.
و اما الثاني فلان مبناه على أن الشخص منالإنسان في النشأة الثانية غير هذا الشخصالذي كان في الدنيا، و هذا مما يوجب مفاسدشتى، مثل أن يكون المثاب او المعاقب فيالاخرة غير الذي فعل الطاعات او المعاصيفي الدنيا و هذا هو الظلم بعينه و غير ذلكمن المفاسد، و هو في الحقيقة نفي للمعاد لااثبات له.
اللهم الا أن يعتذر عن الاول بان الكلاممع العوام الذين درجتهم درجة البهائم والانعام، لا يعرفون كمال القدرة الا فيخلق الأجسام العظيمة المقدار، لعدماهتدائهم بوجوه المصالح و المنافع التيتكون في خلق الإنسان و من عادة القرآنإيراد المقدمات المقبولة للطبائعالجمهورية مع اشتمالها على