و في قوله: بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِتنبيه بليغ على كليّة هذه القضيّة و حقيّةهذا المثل، من غير اختصاصها بشأن اليهود،الذين كذّبوا بالآيات الدالّة على إعجازالقرآن و جلالة قدر محمّد صلى الله عليهوآله.
بل كلّ من جحد ما وراء فهمه و أنكر ما سوىما أخذه من معلّميه و أشياخه على غيربصيرة، أو وصل إليه من ظواهر النقول والروايات، فهو حقيق بهذا التمثيل بالقياسإلى ما جحده و أنكره عند التحقيق.
إنّ قوله: بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِمعناه بئس القوم قوم مثلهم هذا، لأنّاليهود إنّما صاروا مذمومين مطرودين عنباب اللّه لإنكارهم حقيّة الرسول وإعراضهم عن مطالعة آيات اللّه و جحودهملما سمعوا من الحقائق الايمانيّة والمعارف الربّانيّة التي لم يبلغ أفهامهمإليه من قبل و لم يسمع من شيوخهم الماضين ومعلّميهم و آبائهم السابقين، كما حكىاللّه عنهم بقوله: ما سَمِعْنا بِهذا فِيآبائِنَا الْأَوَّلِينَ الآية [23/ 24].
و كلّ من هذا صفته بالنسبة إلى أهل الحقّ وأصحاب الحكمة القرآنيّة في وراء معلومه وفوق مفهومه من الإعراض و الإنكار، اغتراربظواهر الآثار و ما سمعه و تلقّفه منأشياخه و معلّميه، أو إعجابا بما حصّلهبالبحث و التكرار من غير استكشاف واستبصار، فهو داخل في هذا الحكم و مكذّبلآيات اللّه
(4) الغرائر: الجوالق العظام.