تفسیر کتاب اللّه المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 7 -صفحه : 456/ 185
نمايش فراداده

و الدليل على ما ادّعيناه من كون المؤمنالحقيقي هو العارف الرّباني و الحكيمالإلهيّ ممّا يستفاد من هذه الآيات علىأتّم وجه و أوضحه، فإنّ ما ذكره تعالى فيعلّة البعثة و غاية الرسالة من قوله:يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُالْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ يدلّ دلالةواضحة على أنّ نتيجة البعثة دعوة الخلقإلى و الحكمة، و أنّ الايمان باللّه والرسول عبارة عن تعلّم الكتاب و الحكمةبالحقيقة لا بالمجاز، و إلّا لكان الايمانإيمانا بالمجاز، فيكون المؤمن المجازيمسلوبا عنه الايمان الحقيقي- كما هو قاعدةإطلاق اللفظ على سبيل المجاز.

فثبت أنّ الايمان الذي يكون فائدة البعثةو ثمرة إنزال القرآن عبارة عن صيرورة كونالعبد المسلم حكيما عارفا بحقائق ما فيالكتاب- لا بمجرّد حفظ الألفاظ و تكرارها،و لا بمجرّد تفسير العربية و نكاتهاالبديعية- فإن معرفة ألفاظ العرب و دقائقعلم البيان ليس من مقصود علم القرآن فيشي‏ء، بل المقصود سياقة الخلق إلى جواراللّه بالعلم بحقائق الأشياء و التجرد عنعلائق الدنيا، و هي لا تحصل بمجرد الاطلاععلى علم العربيّة و لا الكلام، و القرآنإنّما نزل بلغة العرب ليكون أوضح دلالة وأفصح بيانا، إذ لا يكون في دقّة الألفاظ وغرابة أبنية الكلام فائدة يعتدّ بها كمادلّت عليه آيات كثيرة مثل قوله تعالى:إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّالَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [3/ 43] و قوله: وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ [16/ 103].