كلّ الموجودات، فقال: «عرفت ربّي بربّي، ولو لا ربّي لما عرفت ربّي».
و هذا بعينه مسلك الصدّيقين، و الأوّلمسلك ذوي الأنظار.
و أيضا قد وصف اللّه نفسه بأنّه المحيي والمميت، ثمّ فوّض الموت و الحيوة إلىملكين.
ففي الخبر: «إنّ ملك الموت و ملك الحيوةتناظرا فقال ملك الموت:
أنا أميت. و قال ملك الحيوة: أنا احييالأموات. فأوحي اللّه إليهما: كونا علىعملكما و ما سخّرتما له من الصنع، فأناالمحيي و المميت و لا محيي و لا مميت سواي».
فالمحقّق العارف هو الذي ينكشف له بنورمعرفته أن لا قوام للأشياء عنده بأنفسها وإنّما قوامها بغيرها، فهي باعتبار أنفسهاباطلات الذوات هالكات الهويّات والإنيّات، و إنّما حقيّتها «15» بغيرها لابأنفسها من حيث هي هي، فإذا لا حقّ عندالمحقّق المحقّ إلّا الحقّ القيّوم الذيليس كمثله شيء فهو القائم بذاته و كلّ ماسواه قائمة بقدرته، فهو الحقّ و ما سواهباطل.
و لمّا جرى هذا المعنى على لسان بعض الأعرابقصدا أو اتّفاقا صدّقه رسول اللّه صلىالله عليه وآله فقال: أصدق بيت قاله الشاعرقول لبيد:
أ لا كلّ شيء ما خلا اللّه باطل و كلّنعيم لا محالة زائل «16» فكلّ شيء هالك إلّا وجهه.
لما علمت أنّ للإنسان مراتب مختلفة فيالوجود [و] لتحصيل كلّ مرتبة
(15) حقيقتها- نسخة. (16) راجع البخاري: باب أيام الجاهليّة 5/ 53.مسلم: الشعر 15/ 13.