الفلكيّة الدائرة التي تديرها النفوسالسماويّة بأيدي قواها العمليّة طربا وشوقا و تقرّبا إلى مباديها و غاياتها ومعشوقاتها العقليّة و محرّكاتها الفلكيّة«14»، و يطوفون عليهم أيضا بكأس مملوّ منشراب الأحديّة معين، جار في أنهار المداركالشوقيّة و المشارب الذوقيّة، مكشوف لأهلالمشاهدة و العيان، إذ منبعه منشأ الحيوةو العقل و الشهود. فكيف لا يعان و لا يعاين.
لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَ لايُنْزِفُونَ (19) لا يوجد «15» من شربها صداع لصفائها من كدرالشرّ و الآفة و فساد التركيب و غلبة أحدالأضداد، كخمور هذه الدنيا، و تعاليهم عنتأثير المزاحمات و تصديع المصادماتلتجرّدهم عن عوالم التراكيب، و الأضداد وارتفاعهم عن الطبقات السافلة التي يوجدفيها الشرّ و الفساد.
و قيل: لا يفرقون عنها «16».
و قرء مجاهد لا يصدّعون بمعنى لايتصدّعون، أي لا يتفرّقون. كقوله تعالى فيحقّ الكفّار: يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ[30/ 43] و ذلك لأنّ منشأ صحبتهم و مبدأجمعيّتهم هو مشرب المحبّة الإلهيّة و نشأةالوحدة المعنويّة و الوصلة الايمانيّة والرابطة الحكميّة، ليس باعثها الأغراضالنفسانيّة و الأوضاع الجسمانيّةالمؤديّة سريعا إلى التفرقة و الوحشة والنفرة.
(14) الملكية- نسخة. (15) لا يأخذ- لا يأخذهم- نسخة. (16) الكشاف: 3/ 194.