في تقرير أمر المعاد و اختلاف حال الناسبحسبه لأجل اختلاف هممهم في طلب اللذّات،إذ النفوس الخسيسة الدنيّة يطلبن «1»العاجلة و الدنيا، و العقول العاليةالزكيّة الشريفة يطلبون الآجلة و القصوى.
وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ وَ أَبْقى (17)
الأوّل: أنّ سبب إعراض أكثر الخلق عناكتساب المعارف الإلهيّة و اقتناصالحقائق العقليّة إيثارهم الحيوةالدنياويّة و شهواتها على الآخرة وخيراتها، و ذلك لاستيلاء الدواعيالجسمانيّة من القوى الوهميّة و الشهويّةو الغضبيّة على القوّة العاقلة، فبحسبتسلّط القوّة الجسمانيّة على القوّةالعقليّة تكون قوّة الرغبة إلى الدنيا وشدّة النفرة عن الآخرة.
و لا يخفى عليك أنّ دنياك ليس إلّا حالتكقبل الموت من جهة استعمال آلة الحسّ والحركة في جلب المنافع البدنيّة و دفعالمضارّ الجسمانيّة بقوّتي الشهوة والغضب، و آخرتك ليست إلّا حالتك بعد الموتو قطع علاقتك عن هذا البدن المظلم من جهةاستعمال المشاعر الاخرويّة- من السمع والبصر و غيرهما- حسبما يناسب أعمالك وأفعالك- و شرح ذلك ممّا يطول-.
(1) في النسخ: يطلبون.