هذه الحركة الأرضيّة التي قد مرّتالإشارة إلى أنّها إراديّة شوقيّة عقليّةليست واقعة في إحدى المقولات الأربعالعرضيّة، لما مرّ أنّها غير محسوسة و لاقابلة لأنّ يحسّ بإحدى هذه الحواسّ، بل هيحركة ذاتيّة واقعة في مقولة الجوهر، والمقتصرون على البحث البحث من النظّار وذوي الأفكار لم يجوّزوا الحركة في مقولةالجوهر و لم يمكنهم أن يتفطّنوا بدقّةأفكارهم وحدّة أنظارهم بهذه الحركةالذاتيّة لأنّ إدراكها يحتاج إلى تأييدإلهي و إلهام نوري ربّاني تختصّ بأصحابالمكاشفات للقلوب المنورة بنور الايمانثمّ العرفان.
فهم قد رأوا بالمشاهدة العيانيّة أنّالأعيان الجوهريّة دائمة التوجّه إلىاللّه تعالى توجّها معنويّا و حركةذاتيّة، و ما من جوهر عينّي له صورةوجوديّة إلّا و له هذا السير الحثيث إلىالحضرة الإلهيّة، و هو أبدا في الانتقالمن صورة إلى صورة و من طور إلى طور- حركةرجوعيّة و سيرا استكماليّا كما قالسبحانه: وَ تَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُهاجامِدَةً وَ هِيَ تَمُرُّ مَرَّالسَّحابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِيأَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ [27/ 88].
فهكذا حكم الإنسان، فإنّه أبدا بحسبغريزته في التبدّل و الميلان من نشأة إلىنشأة و طور إلى طور و من هويّة إلى هويّة، ومن تبدّل هذه الهويّات عليه يستمرّ لههويّة ثابتة يحكم بها عليه أنّ ذاته هيالتي كانت موجودة أوّلا، فله هويّة ثابتةهي التي بعينها متبدّلة، فانظر ما ذا ترى.
و على هذه الحركة الانقلابيّة للإنسانشواهد كثيرة من القرآن مثل قوله