مع الذين أنعم اللّه عليهم من النّبيين والصدّيقين و الشهداء و الصالحين و حسنأولئك رفيقا.
و قرء: النشأة و النشاءة.
و في الكشّاف: «إنّ في هذه الآية دليلا علىصحّة القياس حيث جهّلهم في ترك قياسالنشأة الاخرى على الاولى».
و لا يخفى أنّ هذا ليس من باب القياس،فإنّه من باب ملاحظة النهايات منالبدايات، و الاستدلال من ذي الغاية إلىغاية «33» تؤل إليها، فكما أنّ النشاةالنباتيّة غاية النشاة الجماديّة، والحيوانيّة غاية النباتيّة، و الحيوةالعقليّة غاية الحيوة الحسيّة و كمالها،فكذلك النشأة الاخرى غاية النشأة الاولى.
فمن نظر إلى ترتيب الأمور و تفاوتالموجودات في مراتب الشرف و الخسّة، والكمال و النقص، و وجد أنّ لكلّ ناقص خسيستوجّها غريزيّا إلى ما هو أقرب منه إلىالشرف و الكمال، ثمّ نظر إلى حال الإنسانفوجد أن له انتقالات من صورة إلى صورةفوقها، و استحالات من صفة إلى صفة، يعلم«34» علما يقينيّا أنّ له نشأه ثانية باقيةيقع له فيها الرجوع إلى موجد الكلّ و غايةالجميع.
و هذا استدلال برهاني و مسلك شريف جدّا،فإنّ اللّه تعالى قد ذكره و نبّه عليه فيمواضع كثيرة تعليما لعباده:
منها ما قال في سورة الحجّ: يا أَيُّهَاالنَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَالْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْتُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ إلى قوله
(33) من ذوي الغايات على غاياتها- نسخة. (34) من صفة الى صفة اخرى لعلم- نسخة.