و عن ابن عباس و الضحاك و قتادة: يعنيالذين نزلوا الأرض القواء- و هي القفر.
و عن عكرمة و مجاهد: للمستمتعين بها منالناس أجمعين المسافرين و الحاضرين. فيكونالمقوي من الأضداد- الذي صار ذا قوّة منالمال و النعمة، و الذي ذهب ماله و نزلبالقواء من الأرض-.
و فيه إشارة لطيفة، و هي: أنّ الروحالإنساني المسافر إلى عالم الغيب من عالمالشهادة ما دام نزوله في البدن «76»- و هومكان قفر مظلم لا يوجد فيه شيء من نعيمالآخرة- ينتفع بحرارة نار الطبيعة التي فيالبدن لأنّها فاعلة فيه بتسخين البدن،فيصطلي بها قواه و يستضيء بها حواسّه وتفعل التغذية و تهضم الطعام و تطبخ الطبيخمن اللحوم و الحبوب و التوابل «77» و غيرهافي قدر المعدة أوّلا، ثمّ في قدر الكبدثانيا. و أمّا إذا ارتحل الروح عن البدن ووصل إلى موطنه استغنى بأنوار المعارفالإلهيّة الفاعلة للحياة الاخرويةالدائمة عن أنوار الحسّ و الحركة، الناشئةعن طبيعة البدن، كما استغنى المقوي عنالنار التي كان ينتفع بها في الأرض القواءليلا- إذا رجع إلى منزله نهارا- بأنوارالشمس.
و أمّا أهل الجحيم فهم بمنزلة الفقراءالمحتاجين المضطرين، الذين اشتدّت حاجتهمإلى النار حيث كانوا لشدّة الفقر- سواءكانوا في المسكن أو في القفر- فإنّهم إذارجعوا إلى مواطنهم في الشتاء سكنوا فيالاتونات
(76) بالبدن- نسخة. (77) التابل- بفتح الباء و كسره- ما يطيب بهالاكل كالفلفل.