الإسلام أيضاً من الناحية العملية والتكليفية كإحدى نقاط أسلوب التفكر والأيديولوجية في الإسلام.
1396هــ.
إن سعي الإنسان وحركته ــ التي هي فلسفة وجوده ــ له نقطة بدء وانطلاق… وهي الإيمان.
الإيمان يعني التصديق والقبول والتمسك بذلك الشيء الذي ينبغي أن يسعى الإنسان إليه، وبذلك الطريق الذي يوصله، وأخيراً بنفس هذا السعي والتحرك.
بدون الإيمان فإن كل حركة وسعي تكون غفلةً وهباءً، وكل توجه يكون ميتاً بدون نشاط وتكون عاقبته الخمود والركود.
واستناد القرآن إلى "الإيمان" و"المؤمن" وتعريفه لهذه الصفة أنها أعلى القيم وأعظم الخصال الإنسانية، ينبعان من هذه الواقعية.
لننظر إلى تقسيم القيم الإسلامية التي هي من الدرجة الأولى في الآية التالية وإلى الإيمان ــ الذي جعل على رأسها ــ ونفكر فيها:
{ليس البرَّ أن تولّوا وجوهكم قِبَل المشرق والمغرب ولكنّ البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيّين وآتى المال على حبّه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب
وأقام الصّلاة
وآتى الزكاة
والموفون بعهدهم إذا عاهدوا
والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتّقون}. (البقرة/ 177).
ولهذا نجد القرآن في جوابه لأهل الكتاب الذين اعتبروا أن اليهودية والنصرانية هي الوسيلة الوحيدة للفوز والفلاح، يطرح الإيمان الإسلامي الواسع ويعتبره مؤدياً إلى الهداية:
{قولوا آمنّا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط
وما أوتي موسى وعيسى وما أُوتي النّبيون من ربهم لا نفرّق بين أحد منهم
ونحن له مسلمون *
فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا}.
(البقرة/ 136 ــ 137).
وبالنظر والتدقيق في الآيات التالية نصل إلى المواضيع التالية:
ا ــ يتمتع الإيمان بالأصول والمباني العقائدية، الذي كان أحد الخصائص العظيمة لرسول الله وأتباعه الخلّص، بأهمية فائقة حيث أكده القرآن الكريم كثيراً:
{آمن الرسول بما أنزل إليه من ربّه
والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله
لا نفرّق بين أحد من رسله
وقالوا سمعنا وأطعنا
غفرانك ربّنا وإليك المصير}.
(البقرة/ 285).
ب ــ ولكنه الإيمان الواعي الذي يستند إلى الفهم والإدراك ويبتعد عن العمى والتقليد. وهذا هو الإيمان الذي ميّزهم عن العبودية والتبعية الساذجة التي تجعل العمل هباءً منثوراً لا يخرج به صاحبه بنتيجة أو فائدة.