مفاتیح الشرائع

محمد محسن بن الشاه مرتضی ابن الشاه محمود ‏

جلد 8 -صفحه : 175/ 23
نمايش فراداده

الوجه الثالث:

روى القفال عن الحسن أنه قال: إن مريمتكلمت في صباها كما تكلم المسيح و لم تلتقمثدياً قط، و إن رزقها كان يأتيها من الجنة.

الوجه الرابع:

في تفسير القبول الحسن أن المعتاد في تلكالشريعة أن التحرير لا يجوز إلا في حقالغلام حين يصير عاقلًا قادراً على خدمةالمسجد، و ههنا لما علم اللّه تعالى تضرعتلك المرأة قبل تلك الجارية حال صغرها وعدم قدرتها على خدمة المسجد، فهذا كله هوالوجوه المذكورة في تفسير القبول الحسن.

ثم قال اللّه تعالى: وَ أَنْبَتَهانَباتاً حَسَناً قال ابن الأنباري:التقدير أنبتها فنبتت هي نباتاً حسناً ثممنهم من صرف هذا النبات الحسن إلى ما يتعلقبالدنيا، و منهم من صرفه إلى ما يتعلقبالدين، أما الأول فقالوا: المعنى أنهاكانت تنبت في اليوم مثل ما ينبت المولود فيعام واحد، و أما في الدين فلأنها نبتت فيالصلاح و السداد و العفة و الطاعة.

ثم قال اللّه تعالى: وَ كَفَّلَهازَكَرِيَّا و فيه مسألتان:

المسألة الأولى:

يقال: كفل يكفل كفالة و كفلًا فهو كافل، وهو الذي ينفق على إنسان و يهتم بإصلاحمصالحه، و في الحديث «أنا و كافل اليتيمكهاتين» و قال اللّه تعالى:أَكْفِلْنِيها.

المسألة الثانية:

قرأ عاصم و حمزة و الكسائي (و كفلها)بالتشديد، ثم اختلفوا في زكريا فقرأ عاصمبالمد، و قرأ حمزة و الكسائي بالقصر علىمعنى ضمها اللّه تعالى إلى زكريا، فمن قرأ(زكرياء) بالمد أظهر النصب و من قرأ بالقصركان في محل النصب و الباقون قرأوا بالمد والرفع على معنى ضمها زكرياء إلى نفسه، و هوالاختيار، لأن هذا مناسب لقوله تعالى:أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ و عليهالأكثر، و عن ابن كثير في رواية كَفَّلَهابكسر الفاء، و أما القصر والمد في زكريافهما لغتان، كالهيجاء و الهيجا، و قرأمجاهد فَتَقَبَّلَها رَبُّها، ... وَأَنْبَتَها، ... وَ كَفَّلَها على لفظالأمر في الأفعال الثلاثة، و نصب رَبُّهاكأنها كانت تدعو اللّه فقالت: اقبلها ياربها، و أنبتها يا ربها، و اجعل زكرياكافلًا لها.

المسألة الثالثة:

اختلفوا في كفالة زكريا عليه السلامإياها متى كانت، فقال الأكثرون: كان ذلكحال طفوليتها، و به جاءت الروايات، و قالبعضهم: بل إنما كفلها بعد أن فطمت، واحتجوا عليه بوجهين‏الأول: أنه تعالى قال:وَ أَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً ثم قال: وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا و هذا يوهم أن تلكالكفالة بعد ذلك النبات الحسن و الثاني:أنه تعالى قال: وَ كَفَّلَها زَكَرِيَّاكُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّاالْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاًقالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْهُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ و هذا يدل علىأنها كانت قد فارقت الرضاع وقت تلكالكفالة، و أصحاب القول الأول أجابوا بأنالواو لا توجب الترتيب، فلعل الانباتالحسن و كفالة زكرياء حصلا معاً.

و أما الحجة الثانية: فلعل دخوله عليها وسؤاله منها هذا السؤال إنما وقع في آخرزمان الكفالة.

ثم قال اللّه: كُلَّما دَخَلَ عَلَيْهازَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَهارِزْقاً و فيه مسائل:

المسألة الأولى:

الْمِحْرابَ الموضع العالي الشريف، قالعمر بن أبي ربيعة:


  • ربة محراب إذا جئتها لم أدن حتى أرتقيسلما

  • لم أدن حتى أرتقيسلما لم أدن حتى أرتقيسلما