مفاتیح الشرائع

محمد محسن بن الشاه مرتضی ابن الشاه محمود ‏

جلد 8 -صفحه : 175/ 32
نمايش فراداده

كون زوجته عاقراً لتأكيد حال الاستبعاد.

أما قوله قالَ كَذلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُما يَشاءُ

ففيه بحثان‏الأول: أن قوله قالَ عائد إلىمذكور سابق، و هو الرب المذكور في قولهقالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وقد ذكرنا أن ذلك يحتمل أن يكون هو اللّهتعالى، و أن يكون هو جبريل.

البحث الثاني: قال صاحب «الكشاف» كَذلِكَاللَّهُ مبتدأ و خبر أي على نحو هذه الصفةاللّه، و يفعل ما يشاء بيان له، أي يفعل مايريد من الأفاعيل الخارقة للعادة.

[سورة آل‏عمران (3): آية 41]

قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَآيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَ سَبِّحْبِالْعَشِيِّ وَ الْإِبْكارِ (41)

[في قوله تعالى قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِيآيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَالنَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ‏]

و اعلم أن زكريا عليه السلام لفرط سرورهبما بشّر به وثقته بكرم ربه، و إنعامه عليهأحب أن يجعل له علامة تدل على حصول العلوق،و ذلك لأن العلوق لا يظهر في أول الأمرفقال: رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً فقال اللّهتعالى: آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَالنَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّارَمْزاً و فيه مسائل:

المسألة الأولى:

ذكره ههنا ثلاثة أيام، و ذكر في سورة مريمثلاثة ليالي فدل مجموع الآيتين على أن تلكالآية كانت حاصلة في الأيام الثلاثة معلياليها.

المسألة الثانية:

ذكروا في تفسير هذه الآية وجوهاًأحدها:أنه تعالى حبس لسانه ثلاثة أيام فلم يقدرأن يكلم الناس إلا رمزاً، و فيهفائدتان‏إحداهما: أن يكون ذلك آية علىعلوق الولدو الثانية: أنه تعالى حبس لسانهعن أمور الدنيا، و أقدره على الذكر والتسبيح و التهليل، ليكون في تلك المدةمشتغلًا بذكر اللّه تعالى، و بالطاعة والشكر على تلك النعمة الجسيمة و على هذاالتقدير يصير الشي‏ء الواحد علامة علىالمقصود، و أداء لشكر تلك النعمة، فيكونجامعاً لكل المقاصد.

ثم اعلم أن تلك الواقعة كانت مشتملة علىالمعجز من وجوه‏أحدها: أن قدرته علىالتكلم بالتسبيح و الذكر، و عجزه عنالتكلم بأمور الدنيا من أعظم المعجزات‏وثانيها: أن حصول ذلك المعجز في تلك الأيامالمقدورة مع سلامة البنية و اعتدال المزاجمن جملة المعجزات‏و ثالثها: أن إخبارهبأنه متى حصلت هذه الحالة فقد حصل الولد،ثم إن الأمر خرج على وفق هذا الخبر يكونأيضاً من المعجزات.

القول الثاني في تفسير هذه الآية: و هو قولأبي مسلم: أن المعنى أن زكريا عليه السلاملما طلب من اللّه تعالى آية تدله على حصولالعلوق، قال آيتك أن لا تكلم، أي تصيرمأموراً بأن لا تتكلم ثلاثة أيام بلياليهامع الخلق، أي تكون مشتغلًا بالذكر والتسبيح و التهليل معرضاً عن الخلق والدنيا شاكراً للّه تعالى على إعطاء مثلهذه الموهبة، فإن كانت لك حاجة دل عليهابالرمز فإذا أمرت بهذه الطاعة فاعلم أنهقد حصل المطلوب، و هذا القول عندي حسنمعقول، و أبو مسلم حسن الكلام في التفسيركثير الغوص على الدقائق، و اللطائف.

القول الثالث: روي عن قتادة أنه عليهالصلاة و السلام عوقب بذلك من حيث سألالآية بعد بشارة الملائكة فأخذ لسانه وصير بحيث لا يقدر على الكلام.