المسألة الأولى:
أصل الرمز الحركة، يقال: ارتمز إذا تحرك،و منه قيل للبحر: الراموز، ثم اختلفوا فيالمراد بالرمز ههنا على أقوالأحدها: أنهعبارة عن الإشارة كيف كانت باليد، أوالرأس، أو الحاجب، أو العين، أو الشفةوالثاني: أنه عبارة عن تحريك الشفتينباللفظ من غير نطق وصوت قالوا: و حمل الرمزعلى هذا المعنى أولى، لأن الإشارةبالشفتين يمكن وقوعها بحيث تكون حركاتالشفتين وقت الرمز مطابقة لحركاتهما عندالنطق فيكون الاستدلال بتلك الحركات علىالمعاني الذهنية أسهلو الثالث: و هو أنهكان يمكنه أن يتكلم بالكلام الخفي، و أمارفع الصوت بالكلام فكان ممنوعاً منه.فإن قيل: الرمز ليس من جنس الكلام فكيفاستثنى منه؟.قلنا: لما أدى ما هو المقصود من الكلام سميكلاماً، و يجوز أيضاً أن يكون استثناءًمنقطعاً فأما إن حملنا الرمز على الكلامالخفي فإن الإشكال زائل.المسألة الثانية:
قرأ يحيى بن وثاب إِلَّا رَمْزاً بضمتينجمع رموز، كرسول و رسل، و قرىء رَمْزاًبفتح الراء و الميم جمع رامز، كخادم و خدم،و هو حال منه ومن الناس، و معنى إِلَّارَمْزاً إلا مترامزين، كما يتكلم الناس معالأخرس بالإشارة و يكلمهم.ثم قال اللّه تعالى: وَ اذْكُرْ رَبَّكَكَثِيراًو فيه قولانأحدهما: أنه تعالى حبس لسانهعن أمور الدنيا إِلَّا رَمْزاً فأما فيالذكر و التسبيح، فقد كان لسانه جيداً، وكان ذلك من المعجزات الباهرةو الثاني:إن المراد منه الذكر بالقلب و ذلك لأنالمستغرقين في بحار معرفة اللّه تعالىعادتهم في الأول أن يواظبوا على الذكراللساني مدة فإذا امتلأ القلب من نور ذكراللّه سكت اللسان و بقي الذكر في القلب، ولذلك قالوا: من عرف اللّه كل لسانه، فكأنزكريا عليه السلام أمر بالسكوت و استحضارمعاني الذكر و المعرفة و استدامتها.وَ سَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَ الْإِبْكارِو فيه مسألتان:المسألة الأولى:
(العشي) من حين نزول الشمس إلى أن تغيب،قال الشاعر:
فلا الظل من برد الضحى تستطيعه
و لاالفيء من برد العشى تذوق
و لاالفيء من برد العشى تذوق
و لاالفيء من برد العشى تذوق