اختلفوا في عدد الملائكة، و ضبط الأقوالفيها أن من الناس من ضم العدد الناقص إلىالعدد الزائد، فقالوا: لأن الوعد بإمدادالثلاثة لا شرط فيه، و الوعد بإمدادالخمسة مشروط بالصبر و التقوى و مجيءالكفار من فورهم، فلا بد من التغاير و هوضعيف، لأنه لا يلزم من كون الخمسة مشروطةبشرط أن تكون الثلاثة التي جزؤها مشروطةبذلك الشرط و منهم من أدخل العدد الناقص فيالعدد الزائد، أما على تقدير الأول: فإنحملنا الآية على قصة بدر كان عدد الملائكةتسعة آلاف لأنه تعالى ذلك الألف، و ذكرثلاثة آلاف، و ذكر خمسة آلاف، و المجموعتسعة آلاف، و إن حملناها على قصة أحد، فليسفيها ذلك الألف، بل فيها ذكر ثلاثة آلاف، وخمسة آلاف، و المجموع: ثمانية آلاف، و أماعلى التقدير الثاني: و هو إدخال الناقص فيالزائد فقالوا: عدد الملائكة خمسة آلاف،ثم ضم إليها ألفان آخران، فلا جرم و عدوابالألف ثم ضم إليه ألفان فلا جرم و عدوابثلاثة آلاف، ثم ضم إليها ألفان آخرانفلام جر و عدوا بخمسة آلاف، و قد حكينا عنبعضهم أنه قال أمد أهل بدر بألف فقيل: إنكرز بن جابر المحاربي يريد أن يمدالمشركين فشق ذلك على المسلمين، فقالالنبي صلّى الله عليه وسلّم لهم: ألنيكفيكم يعني بتقدير أن يجيء المشركينمدد فاللّه تعالى يمدكم أيضا بثلاثة آلافو خمسة آلاف، ثم إن المشركين ما جاءهمالمدد، فكذا ههنا الزائد على الألف ما جاءالمسلمين فهذه وجوه كلها محتملة و اللّهأعلم بمراده.
المسألة الثالثة:
أجمع أهل التفسير و السير أن اللّه تعالىأنزل الملائكة يوم بدر و أنهم قاتلواالكفار، قال ابن عباس رضي اللّه عنهما: لمتقاتل الملائكة سوى يوم بدر و فيما سواهكانوا عدداً و مدداً لا يقاتلون و لايضربون، و هذا قول الأكثرين، و أما أبو بكرالأصم، فإنه أنكر ذلك أشد الإنكار، و احتجعليه بوجوه: الحجة الأولى: إن الملك الواحديكفي في إهلاك الأرض، و من المشهور أنجبريل عليه السلام أدخل جناحه تحت المدائنالأربع لقوم لوط و بلغ جناحه إلى الأرضالسابعة، ثم رفعها إلى السماء و قلبعاليها