[في قوله تعالى يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَتَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ]
إعلم أن في كيفية النظم وجهينالأول: و هوالأوفق: أنه تعالى لما أورد الدلائل علىنبوّة محمد عليه الصلاة و السلام مما وردفي التوراة و الإنجيل من البشارة بمقدمه،ثم ذكر عقيب ذلك شبهات القوم.فالشبهة الأولى: ما يتعلق بإنكار النسخ.و أجاب عنها بقوله كُلُّ الطَّعامِ كانَحِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ماحَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ [آلعمران: 93].و الشبهة الثانية: ما يتعلق بالكعبة ووجوب استقبالها في الصلاة و وجوب حجها.و أجاب عنها بقوله إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍوُضِعَ لِلنَّاسِ [آل عمران: 96] إلى آخرها،فعند هذا تمت وظيفة الاستدلال و كملالجواب عن شبهات أرباب الضلال، فعند ذلكخاطبهم بالكلام اللين وقال: لِمَتَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ بعد ظهورالبينات و زوال الشبهات، و هذا هو الغايةالقصوى في ترتيب الكلام و حسن نظمه.الوجه الثاني: و هو أنه تعالى لما بينفضائل الكعبة و وجوب الحج، و القوم كانواعالمين بأن هذا هو الدين الحق و الملةالصحيحة قال لهم: لِمَ تَكْفُرُونَبِآياتِ اللَّهِ بعد أن علمتم كونها حقةصحيحة.