احتج بعضهم بهذه الآية على أن الكفارمخاطبون بفروع الشرائع قالوا لأن ظاهرقوله تعالى: وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِحِجُّ الْبَيْتِ يعم المؤمن و الكافر وعدم الإيمان لا يصلح معارضاً و مخصصاًلهذا العموم، لأن الدهري مكلف بالإيمانبمحمد صلّى الله عليه وسلّم مع أن الإيمانباللّه الذي هو شرط صحة الإيمان بمحمدعليه السلام غير حاصل و المحدث مكلفبالصلاة مع أن الوضوء الذي هو شرط صحةالصلاة غير حاصل، فلم يكن عدم الشرطمانعاً من كونه مكلفاً بالمشروط، فكذاههنا و اللّه أعلم.
المسألة الخامسة:
احتج جمهور المعتزلة بهذه الآية على أنالاستطاعة قبل الفعل، فقالوا: لو كانتالاستطاعة مع الفعل لكان من لم يحجمستطيعاً للحج، و من لم يكن مستطيعاً للحجلا يتناوله التكليف المذكور في هذه الآيةفيلزم أن كل من لم يحج أن لا يصير مأموراًبالحج بسبب هذه الآية و ذلك باطل بالاتفاق.أجاب الأصحاب بأن هذا أيضاً لازم لهم، وذلك لأن القادر إما أن يصير مأمورا بالفعلقبل حصول الداعي إلى الفعل أو بعد حصولهأما قبل حصول الداعي فمحال، لأن قبل حصولالداعي يمتنع حصول الفعل، فيكون التكليفبه تكليف ما لا يطاق، و أما بعد حصولالداعي فالفعل يصير واجب الحصول، فلا يكونفي التكليف به فائدة، و إذا كانتالاستطاعة منتفية في الحالين وجب أن لايتوجه التكليف المذكور في هذه الآية علىأحد.
المسألة السادسة:
روي أنه لما نزلت هذه الآية قيل: يا رسولاللّه أكتب الحج علينا في كل عام، ذكرواذلك ثلاثاً، فسكت الرسول صلّى الله عليهوسلّم، ثم قال في الرابعة: «لو قلت نعملوجبت و لو وجبت ما قمتم بها و لو لم تقوموابها لكفرتم ألا فوادعوني ما وادعتكم و إذاأمرتكم بأمر فافعلوا منه ما استطعتم و إذانهيتكم عن أمر فانتهوا عنه فإنما هلك منكان قبلكم بكثرة احتلافهم على أنبيائهم»،ثم احتج العلماء بهذا الخبر على أن الأمرلا يفيد التكرار من وجهينالأول: أن الأمرورد بالحج و لم يفد التكرارو الثاني: أنالصحابة استفهموا أنه هل يوجب التكرار أملا؟ و لو كانت هذه الصيغة تفيد التكرار لمااحتاجوا إلى الاستفهام مع كونهم عالمينباللغة.
المسألة السابعة:
استطاعة السبيل إلى الشيء عبارة عنإمكان الوصول، قال تعالى: فَهَلْ إِلىخُرُوجٍ