المسألة الأولى:
اعلم أن في قوله لَيْسُوا سَواءًقولينأحدهما: أن قوله لَيْسُوا سَواءًكلام تام، و قوله مِنْ أَهْلِ الْكِتابِأُمَّةٌ قائِمَةٌ كلام مستأنف لبيان قولهلَيْسُوا سَواءً كما وقع قولهتَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ [آل عمران: 110]بياناً لقوله كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ [آلعمران: 110] و المعنى أن أهل الكتاب الذينسبق ذكرهم ليسوا سواء، و هو تقرير لما تقدممن قوله مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ، ثم ابتدأفقال: مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌقائِمَةٌ و على هذا القولاحتمالانأحدهما: أنه لما قال: مِنْأَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ و كانتمام الكلام أن يقال: و منهم أمة مذمومة،إلا أنه أضمر ذكر الأمة المذمومة على مذهبالعرب من أن ذكر أحد الضدين يغني عن ذكرالضد الآخر و تحقيقه أن الضدين يعلمانمعاً، فذكر أحدهما يستقل بإفادة العلمبهما، فلا جرم يحسن إهمال الضد الآخر.قال أبو ذؤيب:
دعاني إليها القلب إني لامرؤ
مطيع فلاأدري أرشد طلابها
مطيع فلاأدري أرشد طلابها
مطيع فلاأدري أرشد طلابها