المسألة الأولى:
قوله يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَتَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ و اختلفوافيمن المراد بأهل الكتاب، فقال الحسن: همعلماء أهل الكتاب الذين علموا صحة نبوته،و استدل عليه بقوله وَ أَنْتُمْ شُهَداءُو قال بعضهم: بل المراد كل أهل الكتابلأنهم و إن لم يعلموا فالحجة قائمة عليهمفكأنهم بترك الاستدلال و العدول إلىالتقليد بمنزلة من علم ثم أنكر.فإن قيل: و لم خص أهل الكتاب بالذكر دونسائر الكفار؟.قلنا لوجهين: الأول: أنا بينا أنه تعالىأورد الدليل عليهم من التوراة و الإنجيلعلى صحة نبوّة محمد عليه الصلاة و السلام،ثم أجاب عن شبههم في ذلك، ثم لما تمّ ذلكخاطبهم فقال: يا أَهْلَ الْكِتابِ فهذاالترتيب الصحيحالثاني: أن معرفتهم بآياتاللّه أقوى لتقدم اعترافهم بالتوحيد و أصلالنبوّة، و لمعرفتهم بما في كتبهم منالشهادة بصدق الرسول و البشارة بنبوته.المسألة الثانية:
قالت المعتزلة في قوله تعالى: لِمَتَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ دلالة علىأن الكفر من قبلهم حتى يصح هذا التوبيخ وكذلك لا يصح توبيخهم على طولهم و صحتهم ومرضهم.و الجواب عنه: المعارضة بالعلم و الداعي.المسألة الثالثة:
المراد من آيات الله الآيات التي نصبهااللّه تعالى على نبوّة محمد عليه الصلاة والسلام، و المراد بكفرهم بها كفرهمبدلالتها على نبوّة محمد عليه الصلاة والسلام.ثم قال: وَ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ماتَعْمَلُونَالواو للحال و المعنى: لم تكفرون بآياتاللّه التي دلتكم على صدق محمد عليهالصلاة و السلام، و الحال أن اللّه شهيدعلى أعمالكم و مجازيكم عليها و هذه الحالتوجب أن لا تجترؤا على الكفر بآياته.ثم إنه تعالى لما أنكر عليهم في ضلالهمذكر بعد ذلك الإنكار عليهم في إضلالهملضعفة المسلمينفقال: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْآمَنَقال الفرّاء: يقال صددته أصده صداً وأصددته إصداداً، و قرأ الحسن تصدون بضمالتاء من أصده، قال المفسرون: و كان صدهمعن سبيل اللّه بإلقاء الشبه و الشكوك فيقلوب الضعفة من المسلمين و كانوا ينكرونكون صفته صلّى الله عليه وسلّم في كتابهم.ثم قال: تَبْغُونَها عِوَجاًالعوج بكسر العين الميل عن الاستواء في كلما لا يرى، و هو الدين و القول، فأماالشيء الذي يرى فيقال فيه: عوج بفتحالعين كالحائط و القناة و الشجرة، قال ابنالأنباري: البغي يقتصر له على مفعول واحدإذا لم يكن معه اللام كقولك: بغيت المال والأجر و الثواب و أريد ههنا: تبغون لهاعوجاً، ثم أسقطت اللام كما قالوا: وهبتكدرهماً أي وهبت لك درهما، و مثله صدت لكظبياً و أنشد:
فتولى غلامهم ثم نادى
أظليما أصيدكم أمحماراً
أظليما أصيدكم أمحماراً
أظليما أصيدكم أمحماراً