القرآن دلّ على أنه عليه الصلاة و السلامإنما تولد من نفخ جبريل عليه السلام فيمريم و جبريل صلّى الله عليه وسلّم روح محضو روحاني محض فلا جرم كانت نفخة عيسى عليهالسلام للحياة و الروح.
المسألة الرابعة:
قوله بِإِذْنِ اللَّهِ معناه بتكويناللّه تعالى و تخليقه لقوله تعالى: وَ ماكانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّابِإِذْنِ اللَّهِ [آل عمران: 154] أى إلا بأنيوجد اللّه الموت، و إنما ذكر عيسى عليهالسلام هذا القيد إزالة للشبهة، و تنبيهاًعلى إني أعمل هذا التصوير، فأما خلقالحياة فهو من اللّه تعالى على سبيل إظهارالمعجزات على يد الرسل.و اما النوع الثاني و الثالث و الرابع منالمعجزات فهو قوله: وَ أُبْرِئُالْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ وَ أُحْيِالْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّهِ.ذهب أكثر أهل اللغة إلى أن الأكمه هو الذيولد أعمى، و قال الخليل و غيره هو الذي عميبعد أن كان بصيراً، و عن مجاهد هو الذي لايبصر بالليل، و يقال: إنه لم يكن في هذهالأمة أكمه غير قتادة بن دعامة السدوسيصاحب «التفسير»، و روي أنه عليه الصلاة والسلام ربما اجتمع عليه خمسون ألفاً منالمرضى من أطاق منهم أتاه، و من لم يطقأتاه عيسى عليه السلام، و ما كانت مداواتهإلا بالدعاء وحده، قال الكلبي: كان عيسىعليه السلام يحيي الأموات بيا حي يا قيوم وأحيا عاذر، و كان صديقاً له، و دعا سام بننوح من قبره، فخرج حياً، و مرّ على ابن ميتلعجوز فدعا اللّه، فنزل عن سريره حياً، ورجع إلى أهله و ولد له، و قوله بِإِذْنِاللَّهِ رفع لتوهم من اعتقد فيه الإلهية.و أما النوع الخامس من المعجزات إخباره عنالغيوب فهو قوله تعالى حكاية عنه وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَ ماتَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ و فيهمسألتان:
المسألة الأولى:
في هذه الآية قولانأحدهما: أنه عليهالصلاة و السلام كان من أول مرة يخبر عنالغيوب، روى السدي: أنه كان يلعب معالصبيان، ثم يخبرهم بأفعال آبائهم وأمهاتهم، و كان يخبر الصبي بأن أمك قد خبأتلك كذا فيرجع الصبي إلى أهله و يبكي إلى أنيأخذ ذلك الشيء ثم قالوا لصبيانهم: لاتلعبوا مع هذا الساحر، و جمعوهم في بيت،فجاء عيسى عليه السلام يطلبهم، فقالوا له،ليسوا في البيت، فقال: فمن في هذا البيت،قالوا: خنازير قال عيسى عليه السلام كذلكيكونون فإذا هم خنازير.و القول الثاني: إن الإخبار عن الغيوبإنما ظهر وقت نزول المائدة، و ذلك لأنالقوم نهوا عن الادخار، فكانوا يخزنون ويدخرون، فكان عيسى عليه السلام يخبرهمبذلك.
المسألة الثانية:
الإخبار عن الغيوب على هذا الوجه معجزة، وذلك لأن المنجمين الذين يدعون استخراجالخير لا يمكنهم ذلك إلا عن سؤال يتقدم ثميستعينون عند ذلك بآلة و يتوصلون بها إلىمعرفة أحوال الكواكب، ثم